دعوة » مواقف

الهيئة واستدراج الضحايا

في 2015/11/27

خالد عبدالرحيم المعينا- مكة نيوز السعودية-

قرأت في هذه الصحيفة قبل أيام قليلة موضوعا بعنوان «وثائق تكشف سيناريو استدراج أعضاء الهيئة لضحاياهم».

وجاء في الخبر أن هيئة التحقيق والادعاء العام تسعى منذ نحو أربع سنوات لوضع حد لتجاوزات أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة عسير تورطوا في قضية استدراج أهدافهم من خلال تقمصهم أدورا غير لائقة وعبر صور إباحية خليعة.

وبالطبع فهذا الأمر لا يشمل كل أعضاء الهيئة خاصة الذين نذروا أنفسهم لخدمة هذه الشعيرة الدينية المهمة لكن بعضهم، خاصة من ذوي النفوس الضعيفة، لم يتورعوا عن استدراج ضحاياهم لإلقاء القبض عليهم بالجرم المشهود وبالتالي إدانتهم ومحاكمتهم.

وقد عانى بعض هؤلاء الضحايا الأمرين وتحولت حياتهم إلى جحيم وأصيبوا من جراء ذلك بكثير من الأمراض النفسية والعصبية.

وفي رأيي فإن بعض أعضاء الهيئة الذين يستخدمون الأساليب غير الأخلاقية لاستدراج ضحاياهم قد قرأوا عن أساليب مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي (STING OPERATION) الذي درج على نصب الشراك للضحايا للإيقاع بهم، وبالتالي إدانتهم أمام المحاكم وإنزال العقوبات بهم.

وقد استهدف مكتب التحقيقات الفيدرالي صغار المسلمين من خلال حثهم على الاشتراك في الجهاد ومن ثم القبض عليهم ومحاكمتهم بتهمة الإرهاب.

وقد انتهت حياة الكثيرين من هؤلاء الشباب المغرر بهم وراء القضبان وضاعت بالتالي أحلامهم وآمالهم.

وقد استنكر بعض الناس في مجتمعنا هذه التصرفات واعتبروها غير إسلامية وغير أخلاقية وطالبوا بإطلاق سراح الضحايا وإزالة الأضرار التي أصابتهم.

وتقوم آلية الاستدراج على عدد من الأساليب منها أن يكون الشخص المستهدف من متابعي مواقع التواصل الاجتماعي حيث يقوم عضو الهيئة بالاشتراك في نفس هذا الموقع ثم يبدأ في مشاركة الهدف المراد استدراجه وتحديد موعد للقاء معه وبعد أن يتجاوب الهدف، يتم تحديد موعد معه في مكان معين وعند حضوره يتم القبض عليه بتهمة محاولة عمل الفاحشة وبالبحث في هاتفه النقال يتم العثور على الصور الإباحية الخليعة التي تكفي لإدانته ومحاكمته.

وفي رأيي فإن هذه الأساليب التي يلجأ إليها بعض أعضاء الهيئة قد عفا عليها الزمن وهي لا تناسب القرن الحادي والعشرين لكنها قد تكون مقبولة في القرون الوسطى.

وإذا كنت مثل بعض الناس أستنكر مثل هذه الممارسات فإني أقول إنه ليس هناك شخص أو مؤسسة فوق القانون، وليس هناك من له الحق في الإيقاع عمدا بالآخرين لإدانتهم، وبالتالي محاكمتهم، وبالتالي لا يجب أن يترك أي إنسان للعبث بالقانون، وبالتالي اللعب بمقدرات الناس.

والشيء المؤسف في هذا الأمر هو أنه بينما تركز الدول الأخرى في العالم على العلوم والتكنولوجيا ما زال بعض أعضاء الهيئة يهاجمون الأندية الأدبية ومعارض الكتاب وكأنهم أرادوا أن يرجعوا بنا قرونا إلى الوراء.

إن هذه الممارسات غير الأخلاقية وغير الدينية أساسا يجب أن تتوقف وأن تنصرف الهيئة عوضا عن ذلك بما لديها من إمكانات مادية وبشرية إلى توجيه الشباب نحو المهارات السلوكية، والأخلاق الحميدة، والسلوك القويم وتعليمهم الكثير من الأمور المهمة مثل المحافظة على سلامة البيئة، وترشيد استهلاك المياه، واحترام قوانين المرور، والبعد عن الأفكار الهدامة وغيرها من أمور دينية وأخلاقية كفيلة بأن تضمن الرخاء والتقدم لبلادنا.

وختاما لست من أنصار الهجوم على الهيئة فهي جهاز حكومي له أهداف سامية لكنني ضد الممارسات التي تمتهن إنسانية الإنسان وتحط من قدره، وقد آن الأوان لإيقاف كل من يتطاول على الناس وينتهك بشريتهم عند حده.