دعوة » مواقف

المساس بأموال الدولة أشد من الاعتداء على أموال الفرد

في 2015/11/28

الراية القطرية-

قال د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن ما حدث خلال الأمطار قبل يومين كشف العديد من الأمور التي أقلقت الرأي العام.

وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب إن هذا البلد مسؤوليتنا جميعا، مواطنا أو مقيما، فليس عندنا في الشرع فرق في إحقاق الحق وإبطال الباطل والحفاظ على موارد الدولة.

وأكد أن الاعتداء على أموال الدولة أشد من الاعتداء على أموال الفرد، لأن الدول لكل الناس إذ شاع بين الناس أن أموال الدولة كلأ مباح وهذا غير صحيح، ولا يجوز، فأموال الدولة أموال الجميع يجب أن يحافظ عليها، ويجب أن نكون مراقبين مساندين للإصلاح وللرقي والسمعة، هذا من الأمانة التي حملنا في أي بلد كنا، فكلنا مسلمون وغير مسلمين الذين يعيشون في هذا البلد لهم حقوق وعليهم واجبات ..

وقال فضيلته في خطبة الجمعة إن أداء الأمانة واجبنا حتى ننهض ببلدنا ونساعد القيادة في ترقية هذا البلد حتى يصبح البلد متميزا بأعماله وأنشطته وبمواقفه الطيبة . فاليوم سمعنا بالمواقف الطيبة للإصلاح بين إخواننا الليبيين وفعلوا ذلك في لبنان والسودان.

وأضاف "من المصائب التي وقعت خلال هذا الأسبوع أن أوضاع العالم الإسلامي تزداد سوءاً ويراد أن تجر تركيا المستقرة إلى الفوضى الخلاقة ليستفيد منها المشروع الصهيوني والإقليمي الخطير الذي يتمدد على حسابنا وكل هذه المشاكل لإبقاء هذا الظالم الأسد على كرسيه وضحية بقائه أكثر من 440 ألف شهيد وقتيل ، وحوالي مليون 700 ألف جرحى و10 ملايين مهاجر .. وكل يريد أن يزداد الأمر سوءا ..لذا علينا أن ندعو الله بتضرع أن ينصر الإسلام والمسلمين " .

وكان فضيلته قد بدأ خطبته قائلا:خلق الله هذا الإنسان على أحسن التقويم، وميّزه بصفات لا توجد في غيره، حيث خلقه الله بيديه، ونفخ فيه من روحه، وأعطاه الإرادة والعقل والاختيار، ثم أنزل الله عليه الكتب والرسالات، وأرسل منه، من بني البشر، الرسل والأنبياء، كل ذلك حتى يكون هذا الإنسان حافظاً لأماناته ومؤدياً لها حيث أشفقت منها الأرض والسموات والجبال وحملها الإنسان (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) .

وقال إن حمل الإنسان للأمانة يجعله عادلاً، إنه جاهل، وحمله لهذه الأمانة يجعله عالماً، كل ذلك لتحقيق مهمة الإستخلاف التي كلفه الله سبحانه وتعالى بها (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) .

ولفت إلى أن من أهم مقومات الإستخلاف والحضارة والتعمير هو حفظ الأمانات، فأي أمة لا تستطيع الحفاظ على الأمانات لن تكون قادرة على تحقيق الاستخلاف، وتحقيق هذه الوظيفة، وأداء هذه الرسالة التي جعل الله وأناط هذه الرسالة بالإنسان.

حمل الأمانة

وقال فضيلته: من هنا تأتي أهمية هذه الأمانات، وهذه الأمانة التي ذكرها القرآن الكريم وذكرتها هذه الآية الكريمة كما يقول المفسرون هي تشمل جميع الأمانات ، تشمل جميع ما أؤتمن عليه الإنسان من حقوق الله ومن حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم وحقوق الإسلام بالتبليغ والدعوة وحمله بالصورة المشرفة المشرقة ومن حمل الأمانة نحو الوالدين وحمل الأمانة نحو المسلمين والبشر أجمعين، بل حمل الأمانة نحو الحيوان والبيئة وهذا الكون.

طريق الجنة

ورأى أن الأمانة الشاملة أمرنا الله سبحانه بالحفاظ عليها وحذرنا الله أشد التحذير من الإنفلات عنها، ومن المساس بها، لأن أي مساس بهذه الأمانة سيكون خيانة، والخيانة عقوبتها عظيمة عند الله سبحانه وتعالى، ولذلك كان أعظم وصف للرسول هو وصف الأمانة فقد كان يوصف ويلقب حتى قبل الرسالة بأنه الصادق الأمين، ولمّا بُلّغ بالرسالة دعا الى التوحيد وإلى حفظ الأمانة معاً، لأن توحيد الله هو أهم حق علينا نحو الله، والأمانات هي من أهم الحقوق التي كلف الله الإنسان المسلم بحملها وأداءها..إن طريق الجنة مشروط فيه أن يكون محافظأ على الأمانات وعلى العهود (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ) ثم ( وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) وفي سورة المؤمنون جعل الله الحفاظ على الأمانات والعهود من أهم شروط الفلاح في الدنيا والآخرة (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) ثم قال بعد ذلك (الَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) فالرعاية تأتي بعد الحفاظ ، تأتي بعد الحمل، يتحمل الإنسان الأمانة ثم بعد ذلك يحافظ عليها ثم يوجب الله عليه ليس الحفظ فقط وإنما المراعات، فكما يحافظ الإسنان على نفسه وعلى ماله فيجب عليه أن يحافظ على الأمانات بكل ما تعني هذه الكلمة .