اقتصاد » فرص عمل

«الإنجليزية» تحرم مواطنين الحصول على وظائف

في 2015/12/10

الامارت اليوم-

كشف خبراء في قطاع التوطين والموارد البشرية عن «وجود إشكالية رئيسة تتعلق بمخرجات التعليم في مهارات اكتساب اللغة الإنجليزية، على صعيد إجراء محادثة مباشرة مع الغير»، لافتين إلى أنه «من الضروري أن تولي مؤسسات التعليم العالي أهمية لمسألة إكساب الطلبة المواطنين مهارات متقدمة في اللغة الإنجليزية، تؤهلهم للالتحاق بوظائف نوعية في مؤسسات القطاع الخاص».

وعلى الرغم من أن خريجي الجامعات محلياً يجتازون بالضرورة برامج تحديد مستوى في اللغة الإنجليزية (توفل وإيليتس)، ويحصلون على شهادات معتمدة بذلك، إلا أن رئيس الكوادر الوطنية في برنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية (كوادر)، عيسى الملا، قال لـ«الإمارات اليوم»، إن «أهم أسباب إخفاق مواطنين في الحصول على وظائف، في تسعة قطاعات تجارية ومصرفية خلال الأسابيع الماضية، كان اللغة الإنجليزية».

وأوضح الملا: «نظمنا، أول من أمس، مقابلات مباشرة لمواطنين باحثين عن عمل بمقر البرنامج، في قطاعات تجارة التجزئة والبنوك والجمعيات التعاونية، بعدما توافر لدينا 380 فرصة عمل صالحة لمواطنين خريجين، برواتب تراوح بين 7500 و15 ألف درهم».

وأضاف: «تواصلنا مع نحو 3000 مواطنة ومواطن، من الباحثين عن عمل والمسجلين في قاعدة بيانات البرنامج، وحضر 120 مواطنة ومواطناً فقط، وكان اللافت تعثر نسبة كبيرة منهم في اختبارات اللغة الإنجليزية، ما يعكس وجود ضعف في المخرج التعليمي في اللغة الإنجليزية»، متسائلاً «كيف يقضي طالب نحو 12 عاماً في التعليم، ويتخرج ضعيفاً في اللغة الإنجليزية؟».

وبدأت المشكلة عندما أجرى بنك الإمارات دبي الوطني مقابلات مع مواطنات لتوظيفهن في «مركز خدمة عملاء عبر الهاتف»، في إحدى إمارات الدولة، إذ عرض البنك 100 وظيفة على مواطنات، وأفادت مديرة التوطين في البنك، أماني خالد البناي، بأنها قابلت نحو 400 مواطنة، ولم تجتز الاختبار سوى 40 مواطنة فقط، أي نسبة 10% من المتقدمات للوظيفة.

وقالت البناي «نظمنا ستة أيام مفتوحة لإجراء مقابلات مع مواطنات ومواطنين من الباحثين عن عمل، بالتعاون مع الجهات الاتحادية والمحلية المعنية بالتوطين في إمارات دبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة، كما استعان البنك بخدمات وكالات خاصة معنية بالتوظيف، وعلى مدار الأيام المفتوحة الستة، لم يجتز الاختبار سوى 10% فقط من مجموع المتقدمين إلى وظائف».

وأكدت البناي أن «اختبارات اللغة الإنجليزية المطلوبة للالتحاق بوظائف في البنك لا تعتمد بصورة كبيرة على اللغة المتخصصة، أو الصعبة، بل تقتصر المقابلات على ثلاثة محاور: الأول يتعلق بحديث المتقدم عن نفسه باللغة الإنجليزية، والثاني يعتمد على معايير نطق الكلمات بلهجة مفهومة، والثالث عبارة عن اختبار إلكتروني، وكان لافتاً أن بعض الذين أخفقوا في الاختبار لم يستطيعوا التحدث عن أنفسهم بالإنجليزية».

ولفتت إلى أن «الخريجات اللاتي حصلن على فرصة المقابلة، خريجات جامعات حكومية كبرى، لها باع طويل وخبرة كبيرة وأهمية أيضاً، بينما كانت النتائج صادمة بالنسبة لي».

ونوهت البناي، في المقابل، بـ«بعض الكفاءات المواطنة، لاسيما اللائي امتلكن منهن مهارات متقدمة في اللغة أكثر من المطلوب، وكن ست كفاءات تم اختيارهن فوراً»، لافتة إلى أن بعض المتقدمين كانوا يشغلون مناصب إدارية عليا في بعض البنوك، وعلى الرغم من ذلك لم يجيدوا التحدث بالإنجليزية.

إلى ذلك، تبنى مقرر لجنة التربية والتعليم والشباب في المجلس الوطني الاتحادي، حمد الرحومي، المسألة قائلاً إنه «سيستعرض المشكلة في اللجنة البرلمانية، في غضون الأسابيع الثلاثة المقبلة، ضمن الموافقة التي حصلنا عليها مسبقاً في مناقشة قضايا التعليم العالي»، متابعاً «لدينا استعداد لالتقاء مسؤولين تنفيذيين عن العملية التعليمية، وسنعمل جاهدين للوصول إلى حلول لتلك المشكلة».

وقال الرحومي إنه «على الرغم من أن اللغة الأجنبية ليست المعيار الرئيس في اختيار الموظفين، لكنها في الوقت نفسه تعد قيمة مضافة للباحث عن عمل، ومن الممكن أن تكتسب من خلال دورات متخصصة ومكثفة، فيجب ألا نصنع منها عائقاً في سبيل حصول المواطن على فرصة عمل، وهم بحاجة فعلية إلى ذلك».

وأبدى مقرر اللجنة البرلمانية استغرابه «توجيه البعض اتهامات تتعلق بالمخرج التعليمي الإماراتي»، قائلاً: «نحن في الإمارات لدينا أحدث الأنظمة والمعايير في منطقة الشرق الأوسط، كما أن اللغة تعد مطلباً لكن بدرجة محدودة، ويمكن للمؤسسات التي تعرض وظائف أن تخصص دورات تدريبية مكثفة للمواطنين قبل التحاقهم بالوظائف، لبناء ورفع قدراتهم المؤسسية، بدلاً من استبعادهم وهم بحاجة إلى العمل».

أكاديمياً، اعتبر رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية، عضو مجلس أمناء معهد اليونسكو لتقنيات المعلومات في التعليم، الدكتور منصور العور، أن «مخرجات التعليم لا تتطلب بالضرورة طلاقة في اللغة الإنجليزية بصورة مهنية، فالخريجون الحاصلون على برامج (توفل وإيليتس)، يتخرجون بنجاح في أبجدياتها، فإذا قرأ فهم، وإذا تحدث يفهمه الآخرون».

وأضاف العور، وهو خبير دولي في تقنيات التعليم، أن «بعض الطلبة يكتفون بالحد الأدنى في مهارات (توفل وإيليتس)، بينما المفردات الثرية باللغة الإنجليزية تأتي بالقراءة والاطلاع في مرحلة تالية، وهو جهد مطلوب من الخريج نفسه لتزويد مهاراته، والقيادة السياسية تطالبنا بأن نقيم شراكات مع القطاع الخاص لهذا الغرض، ونحن لن نبدع أو نبتكر إلا من خلال مثل هذه الشراكات».