دعوة » مواقف

كلهم ياعزيزي «داعشيون»

في 2015/12/10

نور المحمود- الخليج الاماراتية-

إذا وضعت جانباً الأسماء الوهمية التي تتكنّى بها المنظمات ذات الفكر الإرهابي وقد تجاوزت الثمانين منظمة حول العالم، تجد نفسك في مواجهة فكر واحد يجمع كل هؤلاء الخارجين عن خط المبادئ والقيم الإنسانية. فكر قائم على مبدأ واحد ويروّج للتطرف والعنف والكراهية بكافة الأشكال والألوان.

هناك من يحمل السلاح ليقتل إنساناً بريئاً من منطلق «الفكر الإرهابي المتطرف»، وهناك من يدير منظمة وتشكيلات أو عصابات ويحركها للتفجير واغتيال الأبرياء أينما كانوا في العالم، من أجل خدمة «الفكر الإرهابي المتطرف». وهناك من يرتدي بذلة رسمية وهو من أثرى أثرياء العالم ويملك أفخم السيارات والمباني والمؤسسات، ويطلق الرصاص القاتل من لسانه ليزرع الفتن في المجتمعات من أجل خدمة نفس «الفكر الإرهابي المتطرف».

ما الفرق بين أي «داعشي» اليوم وبين أبرز المرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 دونالد ترامب؟ ما الفرق بين من يزرع الأفكار الجهنمية المتطرفة في عقول الناس فيتبعوه حاملين السلاح ليقتلوا كل من يخالفهم ويختلف عنهم ومعهم، وكل من لا ينتمي إلى فكرهم المتطرف والذي لا دين ولا هوية له، وبين رجل يدعي العلم والمعرفة ويدعو إلى نبذ فئة كبيرة من مجتمعه وإغلاق أبواب الولايات المتحدة الأمريكية في وجه 1.6 مليار مسلم حول العالم؟

دونالد ترامب، أي مستقبل هذا الذي تحمله معك لأمريكا وللعالم؟ وما الذي يمنعك من إغلاق أبواب بلدك في وجه كل آدمي أياً كانت ديانته أو هويته؟

الإرهاب هو خلل في الفكر والممارسة وليس ابن أرض معينة وليس بعبعاً يلبس زياً عربياً. الإرهاب هو أن تمارس القمع وتخيف الأبرياء الآمنين أينما كانوا. وهو أن تهدد أمن وأمان البشر وتجعلهم في دائرة الخطر، فيصبحون متهمين بلا ذنب، ومطلوبين للعدالة بلا جريمة، ومسجونين خلف قضبان الخوف والقلق وعدم الاستقرار والتشرد، بسبب دين يؤمنون به.

الإرهاب أن تزرع في مجتمعك الكره وتقسمه إلى قسمين، قسم يطارد جاره ورفيقه وزميله بنظرات الحقد والاحتقار والكراهية، وقسم مطارد يحاول تبرئة نفسه من وهم لا وجود له، والعيش في ظل أمان مفقود.

هل نصدق ما قاله دونالد ترامب وهو يمشي نحو تحقيق حلمه لكرسي الرئاسة في أمريكا؟ ربما تكون مجرد لعبة سياسية وحرق أوراق مرشح انتخابي، أو بالون اختبار يطلقونه اليوم لأهداف كثيرة، أولها التمهيد لوصول مرشح آخر ودعمه عبر الإيحاء للعالم بأنه وسطي ومعتدل وأفضل من ترامب المتطرف، وثانيها التمهيد لمرحلة مقبلة قد نصل إليها وهي قائمة على فكر التطرف وفرز الشعوب وفق الأديان والأعراق واللون والمعتقد.

أياً كانت خفايا اللعبة السياسية، وأياً كانت ردود الأفعال في أمريكا وحول العالم الرافضة لدعوة ترامب هذه، إلا أننا أمام حقيقة واضحة، وهي أن الإرهاب يعود إلى منبعه أحياناً، ولا يميز بين بذلة وثياب رثة.. ففي النهاية كلهم يا عزيزي «داعشيون».