دعوة » مواقف

وزارة الصراعات...

في 2015/12/14

د. حمد العصيدان- الراي الكويتية-

يستعد المنصب العملي الأكبر في وزارة الأوقاف ــ ونقصد به منصب وكيل الوزارة ــ أن يُشغر بعد الإعلان الرسمي عن قبول استقالة الوكيل عادل الفلاح، والاستعدادات لتسلّم أحد الوكلاء المساعدين الحقيبة خلفاً له.

ولعل المتابع للواقع السياسي محلياً يتضح له كم الصراعات الكبيرة التي تشهدها وزارة الأوقاف، بين التيارين السلف والإخوان، فلا تكاد حقيبة الوزارة تستقر في يد وزير ينتمي إلى أو محسوب على هذا التيار أو ذاك، حتى يبدأ التيار المنافس بتحريك آلته السياسية والإعلامية وحتى البرلمانية، ومن داخل الوزارة نفسها، لإسقاط الوزير ومحاولة الدفع بشخصية تنتمي له.

وقد عشنا حالات كثيرة من هذا الصراع الذي أطاح بأكثر من وزير قبل أن تتاح له الفرصة للعمل، ونذكر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر، الدكتور عبدالله المعتوق، وشريدة المعوشرجي، والدكتور نايف العجمي، والذين تعرضوا لضغوط كبيرة وحرب لا هوادة فيها، حتى فضلوا الانسحاب ورمي المنديل الأبيض، حتى جاءت شخصية الوزير الحالي يعقوب الصانع ذلك المستقل الذي لا ينتمي لتيار ما، فكان أن عمل بأريحية كبيرة، بعيداً عن الضغوط الحزبية، وأثبت وجوده على الرغم من التذمر الكبير الذي يسود حالياً أروقة الوزارة وقطاعاتها المختلفة، ولاسيما من الناحية المالية.

ففي حين يمتدح مراقبون سياسة الوزير الصانع الذي أغلق «حنفية» الهدر، وأوقف سيل المال الذي يُصرف على الفعاليات والمسابقات والندوات والمناسبات، يرى آخرون أنه حرم فئة غير قليلة من حقوقها، وتسبب في «قطع أرزاق» كثيرين، ولاسيما من العاملين على بند المكافآت. وبين هؤلاء وهؤلاء يستمر الصانع في عمله، وقد نال ثناء القيادة في حسن إدارته لأكثر وزارات الدولة قلقاً وصراعاً، فيما يبقى منصب الوكيل ميدان الصراع الذي نشهده حالياً، فبعدما أعلن الوزير قبول استقالة الفلاح رسمياً، يُشاع أن تحركات جدية من التيار السلفي بدأت لتعيين وكيل مساعد ينتمي إليهم، وقد اتخذت خطوات ملموسة في هذا الإطار.

ولكن في المقابل، بدأت حركات مضادة لمنع تولي ذاك المرشح لهذا المنصب، حركات تطالب بفتح ملفها الذي كشفت وسائل إعلام مختلفة أنه مليء بالمخالفات والشبهات، ومطالبة الوزارة بالتحقيق فيه، يضاف إلى ذلك ما شهده مجلس الأمة من أسئلة برلمانية طلبت من الوزير الصانع إيضاحات بهذا الشأن وتشكيل لجنة تحقيق في ذلك، كما تطالب جهات معارضة بأن يتم ترشيح شخصية مستقلة لمنصب الوكيل الشاغر لا تنتمي لتيار بعينه.

وبين هذا وذاك تبرز أسئلة ملحة: ماذا جنى التياران السلفي والإخوان من صراعهما الطويل في الوزارة؟، وهل كان هدف كل منها إفشال الآخر في عمله الوزاري فقط، أم أنه يبحث عن تعديل المسار والأخطاء؟، وما موقفهما اليوم وقد سحب منهما منصب الوزير وقد يسحب كذلك منصب الوكيل؟

ثم هل كان ذلك الصراع الطويل لمصلحة العمل الديني والدعوي؟ ولماذا لا يعمل الطرفان معا والالتفاف حول الوزير المعين مهما كان انتماؤه لأي منهما من أجل الصالح العام؟