اقتصاد » احصاءات

من هو المتقاعد الحكومي الذي يتقاضى 8 آلاف دينار؟

في 2015/12/16

 

هاني الفردان- الوسط البحرينية-

في ظل ما يقال ويعلن ويروج له عن أن صندوق الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي يعيش حالة عجز وإفلاس اكتواري، وتوجه نحو الضغط على المتقاعدين من البسطاء لتقليص مزاياهم أو الحد من مزايا المتقاعدين المقبلين ورفع سقف سن التقاعد، تكشف الهيئة عن أرقام تعد بالنسبة لنا مدوية.

تخيل عزيزي القارئ أن متقاعداً من القطاع العام (الحكومة) يتقاضى معاشاً تقاعدياً يتجاوز الثمانية آلاف دينار شهرياً، فإذا كان هذا راتبه التقاعدي، فكم كان راتبه الحقيقي الذي كان يتقاضاه عندما كان على رأس عمله.

تخيل عزيزي القارئ أن متقاعدين من القطاع العام يتقاضون حالياً معاشات تقاعدية تفوق الـ7 آلاف دينار، والـ6 آلاف دينار، والـ5 آلاف دينار! فكم كانت رواتب هؤلاء قبل خروجهم على التقاعد لكي يتقاضوا كل هذه الرواتب؟

ليس سراً، ولا خافياً على أحد بل هو موجود في قانون رقم (27) لسنة 2009 بشأن تحديد مرتبات رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ومن يشغل وظيفة بدرجة وزير، بأن الوزراء ومن في حكمهم يتقاضون راتباً قدره 5400 دينار، وعلاوة تمثيل (1500 دينار) وعلاوة اجتماعية (500) دينار أي أن مجموع الراتب وبالعلاوات الأساسية (7400) دينار وأن أعلى أجر معاش تقاعدي هو (80 في المئة) ما يعني أن المعاش التقاعدي يصل لـ6000 دينار.

المعروف أيضاً بحسب القانون أن أعلى أجر رسمي في القطاع العام لا يتجاوز 7500 دينار، ومع العلاوة الأساسية قد يصل إلى 9500 دينار.

ليس متوقعاً أن المتقاعد الحكومي الذي يحصل على معاش تقاعدي يفوق الـ8 آلاف دينار بحسب آخر أرقام الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي وزير متقاعد منذ سنوات بسيطة، ربما يكون قديماً ومن حقبة «ألا محاسبة»، ولكن من هو هذا «المسئول» الذي يتقاضى معاشاً تقاعدياً بذلك الحجم فيما يوجد 988 بحرينياً يعملون في القطاع العام يتقاضون معاشاً تقاعدياً يقل عن 200 دينار!

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 رفض مشروع قانون يفضي إلى وضع حدٍّ أقصى لرواتب موظفي الحكومة الخاضعة للاشتراك في التأمين الاجتماعي بمبلغ (4000) دينار، وذلك من باب المساواة مع القطاع الخاص الذين فرض عليهم الحد الأقصى منذ العام 2006.

كانت مبررات الرفض أن «التخوّف المشروع في القطاع الخاص لا ينطبق على موظفي الحكومة، إذ لا توجد زيادات طارئة ومفاجئة على رواتب الموظفين، وأن مرسوم القانون للخدمة المدنية رقم (48) لسنة 2010م قد حدد بشكل دقيق معايير الترقية ومنح الزيادات».

الحكومة في ذلك الوقت كانت تتوقع أن يتناقص عدد من تتجاوز رواتبهم مبلغ (4000 دينار) مستقبلاً في ظل خضوع موظفي الحكومة وكذلك الهيئات والمؤسسات الحكومية لأحكام الرواتب والمزايا الوظيفية المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010، ومشيرة إلى أن عدد تلك الفئة (التي يتجاوز راتبها 4000 دينار) محدود ونسبة تأثيرهم بسيطة على الصندوق، تنتفي بالتالي الحاجة إلى وضع حدٍّ أقصى لرواتب الموظفين الخاضعة للاشتراك في التأمين الاجتماعي.

بحسب ديوان الرقابة المالية بشأن الوضع الاكتواري لصناديق التأمين الاجتماعي فإن عجزاً مطرداً تعيشه التأمينات من سنة لأخرى، حيث ارتفع العجز خلال الفترة من 2009 إلى 2013 من 4.9 مليارات دينار إلى 6.7 مليارات دينار، بزيادة تصل لـ 37 في المئة.

وبحسب التقرير فإن عجز صندوق القطاع العام المدني ارتفع خلال 4 سنوات من 2.8 مليار إلى 4 مليارات دينار، بنسبة تصل لـ 43 في المئة، كما ارتفع صندوق القطاع الخاص من 2 مليار إلى 2.7 مليار دينار بنسبة زيادة 35 في المئة، وإذا استمر الوضع الحالي للصندوقين سيفضي إلى استنزاف مواردهما المالية ونفادها، ما يترتب على ذلك من أضرار مالية واجتماعية قد تتطلب تخصيص ميزانيات ضخمة في المستقبل لمعالجة تلك الأضرار وسد العجز.

وبالتأكيد فإن من يتقاضون معاشات تقاعدية متدنية لا يشكلون عبئاً على الصندوق بقدر ما يشكله أولئك الذين يتقاضون رواتب «خيالية»، إذ إنه حتى العام 2014 فإنه يوجد أكثر من 36 متقاعداً في القطاع العام يتقاضى معاشاً تقاعدياً يتجاوز الـ4000 دينار!

ويبقى السؤال، من هو المسئول الحكومي الذي يتقاضى حالياً معاشاً تقاعدياً ما بين 8100 - 8200 دينار، وكم كان راتبه الأساسي الذي احتسب على أساسه معاشه التقاعدي؟ ولماذا وصل راتبه إلى ذلك الحد، في ظل وجود ضوابط واضحة وصارمة لدى ديوان الخدمة المدنية؟