ملفات » التحالف الإسلامي العسكري

مخاطر تورط التحالف الإسلامي العسكري في حرب برية ضد (داعش)

في 2015/12/17

شؤون خليجية -

حالة من الترقب والقلق أثارتها التصريحات الدولية المرحبة بالتحالف الإسلامي العسكري الجديد ضد الإرهاب وداعش، والتي أكدت أنه يأتي متسقًا مع دعوات غربية سبقته بأيام قليلة بضرورة تشكيل قوات برية سنية من دول عربية وإسلامية لمحاربة التنظيم، الأمر الذي يستدعي مزيدًا من الشفافية حول دور التحالف وخطط تحركه وعلاقته بالتحالف الدولي الأمريكي القائم، لتبديد المخاوف من تحول الكيان الناشئ إلى ذراع برية أو شرطي الغرب بالمنطقة، ودخوله في حرب سنية - سنية تدمر ما تبقى من دولها، وقد تدخل القوات في صراع مباشر آخر مع الميليشيات الشيعية، أو تصفيات للحسابات مع الإسلاميين بحسب طبيعة الدولة المشاركة وتوجهاتها، ما ينذر بحرب مذهبية سنية - شيعية أيضًا، أو سنية - سنية ضد المعارضة المعتدلة، أو صراع مع القوات الأجنبية الغربية.

مع انتشار تنظيم "داعش" وتمدده في دول آسيوية وإفريقية، منها العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، ستكون القوات البرية السنية العربية الإسلامية بمثابة قوات مرتحلة متنقلة بلا سقف للعودة أو الانتهاء، فخارطة محاربة داعش تتسع في الزمان والمكان بشكل مرعب سيؤدي لحرب دولية بين القوات السنية، التي دعا لها مسؤولون أمريكيون، وبين داعش التنظيم السني، بما يوسع دائرة المتعاطفين مع داعش بسبب الحشد الدولي الغربي ضدها، وإذا كان تنظيمًا مخترقًا فسيستغل دوليًا لتفتيت الدول العربية من داخلها بسيناريو الحرب المفتوحة الفوضوية.

كانت السعودية قد أعلنت، مساء الاثنين الماضي، تشكيل تحالف عسكري إسلامي من 34 دولة، معظمها ذات غالبية سنية، أبرزها تركيا ومصر وباكستان، لـ"محاربة الإرهاب"، ولم ينضم إليه دول ذات أغلبية شيعية مثل العراق وإيران.

نشر قوات برية غير مستبعد

في تصريح مثير للجدل لم يستبعد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، نشر قوات من طرف التحالف العسكري الإسلامي الجديد لمكافحة الإرهاب، وأكد أن التحالف سيعمل على تبادل المعلومات وتقديم معدات وتدريبات.

وقال الجبير، في مؤتمر صحفي بباريس، أمس، إنه "لا شيء مستبعد" بخصوص إرسال قوات على الأرض ضمن خطط التحالف الجديد. وأوضح أن "الأمر يتوقف على الطلبات التي تأتي، وسيتوقف على الاحتياجات وعلى استعداد الدول لتقديم المساندة اللازمة"، مؤكدًا أن التحالف لن يكون له جيش واحد، وأنه غير مسبوق، مبديًا ثقته بأن عدد الدول المعنية، والذي يبلغ حاليًا 34 سيزيد في الأسابيع المقبلة.

من جهته نفى العميد أحمد عسيري، المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، في تصريحات لفضائية "العربية الحدث" السعودية، مساء الثلاثاء، تشكيل جيش مشترك لدول التحالف الإسلامي، وبيَّن أن "كل دولة تحتفظ بحقها بتنسيق العمليات التي تنفذ على أراضيها بالشكل الذي تراه مناسباً لها".

دور الدول السنية

هناك عدة مؤشرات تؤكد على محاولة توظيف التحالف الجديد في الحرب البرية المرتقبة ضد "داعش"، حيث قال وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر، للصحفيين في إنجيرليك بتركيا، ردًا على سؤال بشأن المبادرة التي أعلنتها السعودية: "نتطلع إلى معرفة المزيد عما يدور في ذهن السعودية بخصوص هذا التحالف". وأضاف: "لكنه يتماشى بشكل عام على ما يبدو مع ما نحث عليه منذ فترة، وهو اضطلاع الدول العربية السنية بدور أكبر في حملة محاربة داعش".

وحول المساهمة التي تطلبها الولايات المتحدة من الشركاء في التحالف، قال كارتر: "بعض دول الخليج يمكن أن تقدم إسهامات مهمة لتشجيع ومساعدة المجتمعات السنية الواقعة تحت سيطرة داعش لمقاومة التنظيم، وهو أمر يصعب على الدول الأخرى القيام به، وقد قدمنا لدول الخليج بعض الأفكار المحددة، وقدمت لهم بعض المقترحات حول الأشياء التي يمكن أن تشكل إسهاماً. وقد ناقشت هذا الأمر في اجتماع مجلس الأمن القومي الأميركي، وأرسلت سؤالي إلى وزراء الدفاع في الدول الخليجية حول مقترحاتهم للمساهمة في الحملة العسكرية".

أيضًا قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي، أمس الثلاثاء، إن التحالف العسكري الإسلامي بقيادة السعودية يتوافق مع الجهود التي تدعو واشنطن حلفاءها في المنطقة لبذلها منذ فترة.

كذلك أكد "روبرت فورد" السفير الأمريكي السابق لدى سوريا في تصريح خاص لقناة العربية الحدث، أمس الثلاثاء، بشأن رأيه في التحالف الإسلامي العسكري، أن "الأفضل قتال داعش بأيدي أهل السنة في سوريا، ويفضل مساعدتهم من قبل التحالف الجديد". 

التحالف الجديد والحرب البرية

سرعة توظيف التحالف بقيادة السعودية، كشفها دعوة وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين، للتحالف الإسلامي الجديد للانضمام لمباحثات "فيينا"، وقالت أمس: "يتعين عليهم المشاركة في مباحثات فيينا، التي تضم كل الدول التي تكافح تنظيم داعش، حينئذ يكون ذلك بمثابة مساعدة بالنسبة لنا".

الخطير أن ترتبط مهام التحالف الجديد بالحرب البرية الغربية بالشرق الأوسط، حيث جاءت بعد أيام من دعوة عضوي مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين وليندسي غراهام، إلى تشكيل قوة من 100 ألف جندي أجنبي معظمهم من دول المنطقة السنية، إضافة إلى جنود أميركيين، لقتال تنظيم (داعش) في سوريا، فيما اعتبر ماكين أن حشد العدد الأكبر من هذه القوة لن يكون صعباً على مصر.

وكانت روسيا قد وافقت على أن تقوم واشنطن بمفاوضات مع مصر لإرسال 20 ألف جندي مصري إلى سوريا لمقاتلة تنظيم "داعش"، مقابل أن يقدم الاتحاد الأوروبي وأميركا 3 مليارات دولار لمصر، ويأتي اقتراح وزير خارجية أميركا جون كيري، بأن تقوم قوات عربية مع الجيش السوري بوجود الرئيس الأسد وقوات من المعارضة المعتدلة بمحاربة داعش، على أن يأتي من مصر 20 ألف جندي ويهاجموا محافظة الرقة وشمال حلب وشرقي حمص لطرد داعش من هذه المناطق، في ظل قصف جوي روسي أميركي بريطاني فرنسي، بحسب صحيفة "الديار اللبنانية" في 4 ديسمبر الجاري.