دول » عُمان

الإجراءات التقشفية .. ‏و ضبابية الموقف!

في 2015/12/21

علي المطاعي- الشبيبة العمانية-

لبعض يتساءل عن موقف الحكومة من أزمة انخفاض أسعار النفط وانعكاساته على التنمية في البلاد، والاقتصاد والمواطن بشكل عام...

فمنذ تداعيات الأسعار بشكل دراماتيكي في أسواق النفط، لم يسمع أن هناك إجراءات تقشفية كبيرة اتخذت في السلطنة ، إلا بعض المنشورات المالية البسيطة التي التي اصدرتها وزارة المالية ،تناولت تخفيضًا في بعض الجوانب الشكلية.. التي يرى الكثيرين بانها لن تسد رمق العجز المتوقع. ... ...

ويتساءل البعض هل عدم الكشف عن حجم المشكلة هو تجاهل عن إشراك المجتمع في معرفة حجم المشكلة أم أن الأمور طيبة لدينا ، وأن الحكومة لديها ما يعينها عن إشراك المجتمع واتخاذ إجراءات رشيدة صارمة تحافظ على مكانة الدولة المالية... . ام نترك الامور تتراكم شيئا فشيئًا إلى أن تتورم وتنفجر في وجوهنا جميعا ، فهذه الاطروحات مشروعه و تثير شغف المهتميين خاصة في الشان الاقتصادي من الاهمية الاخذ بها في اطار معالجات تبعات الازمة التي نعيشها بهدف توضيح الامور بشكل افضل ينعكس بصورة ايجابية على الاسواق التي يسودها تروي و انتظار للاجراءات الحكومية... و يخيم عليها شيئا من الانكماش ..

فبلاشك إن أزمة انخفاض أسعار النفط تلقي بظلالها على العديد من الدول المصدرة للنفط، ونعلم أن دول الخليج تصدرت أعلى نسبة خسائر اقتصادية بسبب هبوط أسعار النفط الذي استمر بوتيرة مرتفعة العام الحالي، وهو ما دفع البنك الدولي إلى التحذير من أن دول مجلس التعاون الخليجي قد تتكبدخسائر بنحو 215 مليار دولار في ستة أشهر إذا استمرت الأسعار المتدنّية.

و لكن نرى بان هذه الدول تضع إجراءاتها وخطواتها لتفادي هذا التراجع في الإيرادات النفطية،إلا أن ما يلحظه الكثيرون أن هنا في السلطنة بانه لدينا صمتا حكوميا غير عادي ومريبا لا يعرف مرده ..فهل الأمور الحمد لله كما يقال عندما يسأل المواطن العماني عن " شي علوم " في حين أن الأمور ربما تكون غير طيبة معه..

في المقابل الجانب الاخر يرى ان هذا الصمت المطبق قد تعقبه عاصفة ترشيد واسعة للإنفاق ، والإجراءات التي ‏سوف تتخذ مع مطلع الموازنة العام للدولة لعام 2016 م، ستكون كبير تطول العديد من المجالات ، على ضوء التقديرات للايرادات و الانفاق ، وأن الغد قريب بإذن الله، ولا يجب الاستعجال والتروي في المعالجة وفق طبيعتنا العمانية التي تأخذ الأمور بدون تهويل للأزمات والمشكلات مهما بلغت ذروتها، وتقديم كل الخير في قادم الأيام، ويحلها الله كما يردد البعض؟

نحن لا ننتظر حلولا سحرية من الحكومة من أجل إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي أو الوصفات التي ستقدمها لمعالجة الوضع المالي ستكون خيالية، بل هي المتوقعة من المتابعين والمثقفين والمواطنين كذلك، فالكل يلمس الأزمة ويطالع مسلسل انخفاض أسعار النفط يتدفق بالثواني من الأسواق عبر أجهزة الموبايل، وشبكات التواصل تتناقل مثل هذه البيانات بسرعة البرق للصغير والكبير، فالكل واع بماهية الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم وانعكاساتها على الدول المنتجة والمصدرة للنفط، ووطأتها على البلدان التي يشكل الذهب الأسود المورد الرئيسي للدخل فيهامثل السلطنة.

ربما لم ترغب الحكومة في تعكير المزاج العام للاحتفال بالعيد الوطني الخامس والأربعين المجيد وما يحمله من دلالات كبيرة بالإعلان عن إجراءات تقشفية منذ بداية ازمة انخفاض اسعار النفط ، حتى تفسد بهجة الاحتفال بهذه المناسبة، وهذا وارد وقرار حكيم في محله على كل المستويات، ويجب تفهمه منا نحن كمواطنين والنخب السياسية والاقتصادية في البلاد بأن الحكومة واعية لما ستقدم عليه والوقت المناسب له...

ليس ثمة دواعٍ لتهويل الأمور قبل أوانها، فالإجراءات القادمة في مطلع يناير مع إعلان الموازنة العامة للدولة سوف تُكشف بصورة أوضح عن توجهات الحكومة في معالجة الاختلال بين الايرادات و الانفاق ، وأنه ليست هناك ضبابية بقدر ماهي نوع من التريث عملا بالقول " كل شيء في وقته يحلى".

في جانب اخر يرى البعض أن تمرير الموازنة على مجلس عمان بمجلسيه الدولة والشورى هو الإجراء الصحيح ، باعتباره يضم ممثلي الشعب الذين تم انتخابهم من جانب المواطنين الذين يعلمون بالطبع بالمستجدات قبل الإعلان عنها، ‏بمعنى ان العمل موسسي ، يمر عبر القنوات المعروفة ،لذا فان الشعب عبر ممثليه سيعرف ما سيتخذ من اجراءات و لا داعي للقفز على هذه المؤسسات الممثلة.

نأمل أن لا تزيد الضبابية في الموقف المالي للدولة على ضوء هذه الظروف واطلاع الرأي العام عبر الوسائل المعروفة، وكذلك التهيئة للإجراءات القادمة التي ربما تكون موجعة بقدر ما تعلمنا دروسًا بأن الأيام ليست كلها بيضاء وأن نضم القرش الأبيض في أيدينا ونحفظه لليوم الأكثرعتمة في السواد، وتتضافر الجهود نحو تجاوز الظروف ببعض التضحيات الواجبة من الجميع لوطنهم.