مجتمع » حريات وحقوق الانسان

معاقون: أُسر تستحوذ على الرواتب والمخصصات بلا حق

في 2015/12/26

القبس الكويتية-

رغم الجهد الكبير الذي يبذله أولياء أمور المعاقين من أجل رعايتهم وتعليمهم وتأهيلهم فإن بعض الأسر تستحوذ على المخصصات المالية لأبنائهم من دون تقديم أي رعاية تذكر لهم، وهذا ما ينطبق عليه قول الشاعر: «وظلم ذوي القُربى أشدُّ مرارة.. على النفس من وقع الحُسام المهند!».
وبعض الأسر تستحوذ على المخصصات والامتيازات المالية التي يوفرها القانون، سواء المقطوعة أو الشهرية، والتي جعلت بعض الاباء يستغلون ضعف زوجاتهم وخوفهم من شبح الطلاق وتدمير حياتهم الأسرية وبسبب العادات والتقاليد لدى الكثير من الأسر، لاسيما تلك التي تمنع الزوجة من مقاضاة زوجها قضائيا لحفظ حقها وحقوق أبنائها من ذوي الإعاقة.
والبعض الآخر ينفق هذه المخصصات بطريقة اخرى، إما بالزواج مرة اخرى على زوجاتهم أو السفر بها واقتناء الحيوانات الأليفة، وذلك حسب اعترافات ضحايا هذه الحالات.
القبس التقت عددا من الحالات المتضررة من استحواذ أسرها على مخصصاتها بلا حق، كما استطاعت آراء عدد من الحقوقيين ومسؤولي جمعيات نفع عام:

«متلازمة الداون»: مكتب لقضايا الأحوال الشخصية للمعاقين ذهنياً
اعتبرت نائبة رئيس الجمعية الكويتية لمتلازمة الداون، وولية أمر لفتاة من فئة الداون، حصة البالول، أن الاعاقات الذهنية تعد من أكثر الفئات تعرضاً للاستغلال من قبل الآباء، مطالبة الهيئة بتخصيص مكتب لمتابعة قضايا الأحوال الشخصية لذوي الاعاقة الذهنية.
واقترحت أن تكون الأم هي المكلفة بالرعاية وليس الأب، خصوصا أن القانون يسمح للأخير بأن يكون الولي الطبيعي لابنه أو ابنته من ذوي الاعاقة، وهو غير منصف للأمهات، لان بعض الآباء يتصرفون بمخصصات أبنائهم من دون صرفها على احتياجاتهم.
واعتبرت أن عدم متابعة بنك الائتمان للمنحة الإسكانية للاعاقات المتوسطة والشديدة والتي تقدر بـ 10 آلاف، يمثل تسيبا، لافتة إلى أن كثيرا من الأمهات المكلفات بالرعاية والآباء حصلوا على هذه الأموال من بنك الائتمان من دون أن يفعلوا بها أي ترميمات في منزلهم لمصلحة المعاق.
ودعت البالول إلى ضرورة تعاون بنك الائتمان والهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة لمراقبة ومتابعة مصير المنحة الإسكانية، وعما اذا ما تم صرفها فيما يخص احتياجات المعاق أم للمصالح الشخصية؟
وكشفت عما يقوم به بعض أولياء الأمور من استغلال بدل الخادمة والسائق، والذي يقدر بـ 150 دينارا كويتيا للاعاقات الشديدة و100 دينار للاعاقات البسيطة، بجلب عمالة منزلية (خادمة او سائق) للقيام بالمنزل ككل وليس لخدمة المعاق فقط.
ورأت أن الامتيازات المالية الممنوحة في قانون المعاقين لهذه الفئة تعتبر أموالا غير مراقبة، مبينة أن تخصيص الدولة لمثل هذه المبالغ لأبنائها من ذوي الاعاقة يعتبر ظاهرة حضارية، لكن للأسف لم يرتق بعض أولياء الأمور لاستغلال هذه المخصصات المالية فيما يخدم المعاق ويرفع مستواه المعيشي والنفسي والاجتماعي، ولم يتحقق الرقي الذي كنا نتمناه.

الضيغمي: لجأت للقضاء للحصول على حقوق ابني التوحدي
أبدت هناء الضيغمي (وهي ولية أمر حدث توحدي يبلغ من العمر 13 عاما) أسفها من الآباء الذين يستحوذون على المخصصات المالية لأبنائهم من ذوي الاعاقة، لافتة إلى أن أكثر من %75 من الأزواج يحصلون على أموال أبنائهم من هذه الفئة، وتتحمل الزوجات أعباء النفقات وتكاليف احتياجات أبنائهن.
ولفتت إلى معاناة اطفال التوحد من الأعباء المالية التي لا تفي بتغطية نفقات احتياجاتهم، مدللة قولها بأتعاب مدرسي التخاطب وتعديل السلوك النفسي والاجتماعي، حيث تصل تكلفة الحصة للمادة والمدرس الواحد قرابة 35 دينارا كويتيا باليوم الواحد، ناهيك عن تسجيل الأمهات لأبنائهن التوحديين في النوادي، لاسيما الطفل التوحدي الذي يعاني من فرط النشاط، حيث تصل تكلفة الاشتراك في النادي 350 دينارا وهو الأقل سعرا، فضلا عن مصاريف التحاليل الطبية التي تقدر بالآلاف، والأدوية وهي عبارة عن مكملات غذائية، وهي مكلفة جدا، كما لا توجد مدارس ولا أندية ولا مستشفيات لهذه الفئة، متسائلة: لماذا كل هذه المعاناة؟!
وزادت بالقول: لابد أن يتبع اطفال التوحد نظاما غذائيا معينا وهو مكلف جدا، لافتة إلى أنها لا تستطيع أن توفر ذلك لابنها نظرا لمحدودية راتبه الذي يتقاضاه من الهيئة والبالغ قيمته 277 دينارا بالشهر.
وعرجت بالحديث عن تجربتها الشخصية ومعاناتها مع زوجها، لافتة إلى أنه استحوذ على راتب ابنها الشهري واسترجعته من خلال مقاضاته بالهيئة، ومازالت المحاكم جارية، كما أنه أخذ علاوة ابنها بأثر رجعي، الأمر الذي دفعها للجوء للقضاء فرفعت عدة قضايا عليه منذ أربع سنوات تقريبا وإلى الآن لم تحصل على حقوق ابنها رغم أنها حصلت على حضانته والمكلف بالرعاية.

استولى على 10 آلاف دينار من طفلتيه
روت مواطنة واقعة لحالة تعرفها عن قرب، وهي لأبي طفلتين معاقتين إعاقة شديدة، استحوذ لنفسه على «منحة العشرة آلاف دينار لتهيئة المسكن»، تاركاً مسكنهم غير مهيأ، وليتزوج بهذا المبلغ من زوجة ثانية على زوجة أبنائه؛ وبسبب خوف الأم من تدمير كيان أسرتها والعادات والتقاليد التي تحرم عليها رفع دعوى قضائية أو شكوى ضد الأب، تجرعت المرارة وصمتت رغم تقدمها لبعض جمعيات النفع العام والجمعيات الحقوقية وهيئة ذوي الإعاقة لعلها تجد مساعدة.
وأضافت أن كل تلك الجهات أصبحت عاجزة أمام هذا الوضع؛ بسبب عدم رغبة الأم في تقديم شكوى أمام جهات الاختصاص وموقف الأب القانوني الذي مكّنه من عمل ذلك بسبب قانون فيه قصور تشريعي.

حقوقيون:  حلول تشريعية لحماية المكتسبات
طالب عدد من الحقوقيون المهتمين بقضايا ذوي الاعاقات بحلول تشريعية، قائلين ان ثمة حالات موجودة فعلياً لجأت إلى جمعيات نفع عام تعنى بذوي الإعاقة أو منظمات حقوقية لعلها تجد حلا عندها من دون رفع دعوى قضائية تمنع الزوج من الاستيلاء على تلك المخصصات المالية.
وزادوا بالقول: للأسف مع التعديل الجديد الذي قامت به اللجنة التشريعية في مجلس الأمة ستفقد الأم الميزة التي كانت من حقها، فهنا نجد أن اللجنة التشريعية حلت مشكلة التقاعد والأفضلية لمن يستحقها بين الأم والأب بخطأ ومشكلة أكبر من التي كانت قائمة سابقاً، وذلك بسبب جهلها بمعاناة ذوي الإعاقة الحقيقية، ناهيك عن أسرهم وما تسببه بعض التشريعات من هدم لبعض الأسر الكويتية ممن لديها أب ضعيف نفس، يجعل لنفسه كل شيء غير آبه بمعاناة الأم أو طفلهما ذي الإعاقة، مؤكدين ان اللجنة التشريعية لم ترجع الى الجهات التي شاركت فعلياً في صياغة القانون قبل إقراره في عام 2010.
وزادوا بالقول: اننا لسنا أمام ظاهرة حالياً ولكن هناك تزايد في تلك الحالات، والإنتباه اليها الآن وإيجاد الحلول التشريعية الصحيحة لها سيساعد في ألا نكون أمام ظاهرة مستشرية في المجتمع يصعب حلها في المستقبل.

هاجس الطلاق
لفتت حصة البالول إلى أن بعض الامهات لديهن تخوف من تسجيل قضايا ضد أزواجهن الذين يستحوذون على أموال الأبناء من ذوي الاعاقة؛ خوفا من هاجس الانفصال والتفكك الأسري؛ لذلك يفضلن التكتم والصبر على البلاء.

الوصاية
طالب عدد من أمهات ذوي الاعاقة بإسناد الوصاية على أبنائهن إليهن، مشيرات إلى معاناة الزوجات من استحواذ الازواج على المخصصات المالية لأبنائهن.

لا قضايا مالية للصم في المحاكم
أكدت اول مترجمة للصم والبكم في وزارة العدل مها الحمدان، عدم وجود أي قضايا متعلقة باستحواذ أولياء الأمور على المخصصات المالية لأبنائهم من ذوي الاعاقات السمعية في محاكم جميع المحافظات.