مجتمع » حريات وحقوق الانسان

بعد الخطوة القطرية بإنهاء نظام الكفالة.. هل تتجه دول الخليج لإصلاح قوانين العمل؟

في 2015/12/28

شؤون خليجية -

تعد قطر الدولة الخليجية الأولى التي ألغت نظام الكفيل، وأعلنت مؤخرًا عن بدء العمل بالقوانين المنظمة للعمالة الأجنبية لتكون مطابقة للمطالبات الحقوقية الدولية المختلفة، ما يثير التساؤل: هل تلحق بها دول الخليج الأخرى قريبًا، خاصة أن تلك المطالبات موجهة لمنطقة الخليج بشكل عام، وهل سنرى عهدًا جديدًا في قوانين العمل بدول الخليج يتجنب الانتقادات السابقة؟.

وكانت قطر قد أعلنت ولأول مرة عن تاريخ تطبيق قانون العمل الجديد، وتحديدًا في أول ديسمبر 2016، عقب تصديق الحكومة القطرية على القانون الذي يلغي نظام الكفيل، وتم نشره في الجريدة الرسمية.

انتقادات دولية لقطر

يأتي الإعلان عن توقيت تنفيذ قانون العمالة عقب تعرض قطر للعديد من الانتقادات، واتهامات حقوقية دولية باستغلالها للعمالة، خاصة مع الاستعداد داخلها لاستضافة نهائيات كأس العالم.

وقالت منظمة العفو الدولية، في الأول من ديسمبر الحالي، إن استغلال العمال لا يزال "متفشيًا في قطر"، رغم إدخال بعض الإصلاحات منذ فوز الدولة الخليجية بحق تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022.

وأضافت المنظمة في بيان سبق الذكرى السنوية لفوز قطر بحق استضافة نهائيات المونديال، أن "نظام الكفالة" في قطر يضع العمال الأجانب تحت رحمة أرباب عملهم. ويمثل الأجانب 94 في المئة من قوة العمل في قطر.

ووصف البيان تعديلات أجرتها وزارة العمل القطرية على قوانين العمالة بأنها مجرد "ترقيع"، معتبرًا أن عدم إجراء إصلاحات حقيقية ينعكس سلبًا على قطر، معتبرًا "انه لا يتم بذل جهود لوقف انتهاك حقوق العمال الأجانب".

وسبق التقرير الأخير للعفو الدولية تقارير أخرى تسير في الاتجاه نفسه، أبرزها تقرير صادر عن اتحاد النقابات الدولي في مارس 2014، توقع فيه ارتفاع عدد ضحايا أعمال مونديال قطر في المستقبل إلى أكثر من 4 آلاف عامل أجنبي، وذلك منذ 2014 وحتى حلول المونديال 2022.

وسلط التقرير الضوء على  الأوضاع المعيشية للعمالة الأجنبية في قطر التي يبلغ عددها- بحسب التقرير- نحو 1.4 مليون عامل، معتمدًا في نتائجه على قياس معدل وفيات العمالة الأجنبية، ووفقًا لأرقام سفارات هذه الجنسيات العاملة في قطر

ونقل التقرير أعداد الوفيات في العمالة الوافدة نقلًا عن السفارات المختلفة، فوفقًا لأرقام سفارة نيبال بقطر، فقد توفي 191 نيباليًا في عام 2013، بالمقارنة مع 169 في 2012، ليصل المجموع إلى 400 منذ الإعلان عن استضافة قطر للحدث العالمي في 2022.

ولا تختلف أحوال العمالة الهندية عن نظيرتها النيبالية، حيث توفي 218 هنديًا في 2013، و237 في 2012، و239 في عام 2011، ليبلغ معدل الوفيات 20 عاملًا هنديًا في الشهر بالعام الماضي، ويرتفع المعدل إلى 27 عاملًا في أغسطس، أكثر شهور السنة سخونة.

وأكد التقرير أن أغلب تلك الوفيات ناتجة عن ظروف العمل الشاقة التي يعيشها العمال، منتقدًا ظروف الإقامة وتفاوت الأجور وعدد ساعات العمل وطبيعته.

وتسعى المنظمات الحقوقية المختلفة لإقناع مسؤولي الاتحاد الدولي "فيفا"، بالضغط على قطر لتعديل أوضاع العمالة الأجنبية وجعلها متوافقة مع معايير حقوق الإنسان، معتبرين أن ضغط الفيفا هو من سيحقق نتائج على أرض الواقع.

ويعيش نحو 1,8 مليون عامل أجنبي في قطر، بينهم عدد كبير من شبه القارة الهندية، ويمثلون 90 % من السكان، وسيبلغ عددهم بحلول 2020 نحو 2,5 مليون.

 تطبيق قانون العمل ديسمبر 2016

يبدو أن الانتقادات السابقة على قوانين العمل في قطر والتعديلات عليها وارتباطها بكأس العالم 2022، قد أتت ثمارها، حيث قامت السلطات القطرية بنشر قانون تنظيم العمالة الأجنبية في الجريدة الرسمية القطرية منتصف الشهر الجاري، بعد التصديق عليه، مما يعني وفقًا للقانون القطري أن القانون سيطبق بعد عام من نشره.

وعلى الرغم من الوعود الكثيرة بالإصلاحات في القوانين المنظمة للعمالة الأجنبية، إلا أن تلك هي المرة الأولى التي يعلن فيها تاريخ تطبيق القانون.

ويرتبط القانون بإصلاح نظام الكفالة، الذي يمنع أصلًا أي عامل أجنبي من مغادرة البلاد بدون موافقة رب العمل، ويحرمه من إمكانية تغيير وظيفته، حيث ينص على "إلغاء مأذونية الخروج المسبقة (الخروجية)، وكذلك إلغاء شرط مرور سنتين على العامل الذي غادر الدولة بعد انتهاء عمله بها قبل أن يعود (إليها) مجدداً، حيث أصبح بإمكان العامل أن يعود في اليوم التالي لمغادرته البلاد".

مطالبات لدول الخليج بإصلاح نظام الكفالة

وفي باقي دول الخليج لا يختلف الأمر كثيرًا، فكل دول الخليج يسيطر عليها نظام الكفيل وتتعرض لانتقادات واسعة بشأن القوانين المنظمة للعمالة الأجنبية، وتشير منظمات حقوقية إلى أن التعديلات التي تطرحها دول الخليج من آن لآخر، مجرد تعديلات شكلية لا تطبق أو ترقيعات.

وكانت 90 منظمة حقوقية ونقابة عمالية، أبرزها منظمة العفو الدولية والاتحاد الدولي للنقابات والاتحاد الدولي لعمال المنازل، قد طالبت في شهر يونيو  الماضي، دول الخليج بوقف ما قالت إنها "تجاوزات" بحق العمال الأجانب، وبتبني إصلاحات لنظام الكفالة المثير للجدل.

ونشرت المنظمات التسعون بيانًا لها وزعته بالتزامن مع انعقاد اجتماع لوزراء العمل في الدول الآسيوية المصدرة للعمالة ودول الخليج، قالت فيه إن ملايين العمال الأسيويين والأفارقة يواجهون احتمال تعرضهم لعدم دفع رواتبهم ولمصادرة جوازات سفرهم، ولتجاوزات جسدية، وللعمل القسري.

ولفتت روثنا بيغوم، الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش، الموقعة على البيان إلى أن "وضع العمال الأجانب في الخليج يتطلب إصلاحًا عاجلًا وعميقًا، أكان ذلك فيما يخص تجاوزات ترتكب بحق عمال المنازل بعيدًا عن عيون العامة، أو حصيلة الوفيات الصادمة بين عمال الإنشاءات".