دول » قطر

ثلاث حكايات مع ثلاثة وزراء للتربية والتعليم..

في 2016/01/06

د. إبراهيم الشيخ- الشرق القطرية-

(1) إذا أردت أن تبحث عن نهضة أي أمة، فابحث عن مكانة التعليم فيها، بل ابحث عن مقام المعلم، والتزام المتعلمين.
هناك كلمة سر واحدة، هي التي صنعت التمكين والغَلبة لدى شعوب، وأسقطت أخرى من المعادلة، إنها ثورة التعليم وإصلاح التعليم يا سادة!.
(2) على سبيل المثال لا الحصر، في أمريكا، كان تقرير "أمة في خطر" في العام 1983، نقطة تحوّل في التعليم الأمريكي.
"اليابانيون"، عنوان كتاب ألفه السفير الأمريكي "إدوين أشاور"، طرح فيه سؤالا هاما عن سر النهضة اليابانية، وتوصّل إلى أن إرادة الانتقام من التاريخ السيئ المتمثل بدمار البلد بعد القنابل النووية الأمريكية، وبناء الإنسان بالتعليم والثقافة، هما اللذان صنعا هذا البلد الصناعي، واللذان أوصلا الطفل الياباني إلى مرحلة التفوق على نظرائه الأمريكان والأوروبيين في الاختبارات الدولية التي تقيس القدرات في الرياضيات والعلوم.
أما سنغافورة فقد نفذت مبادرات هائلة لإصلاح التعليم، منها مبادرة "مدارس التفكير تعلم الأمة"، سعت إلى تحسين جودة المعلم عبر تطويره ورفع دخله، لأنهم علموا أنهم بدون معلم متفوق، لن يكون هناك تعليم متفوق.
(3) سمعت التسجيل المسرّب لنقاش حامٍ داخل مجلس الشورى العماني، كان لبّ النقاش يدور حول استبدال مناهج قديمة بحديثة، تحت عنوان "تطوير وإصلاح التعليم"!.
عضو الشورى العماني الذي وجّه كلامه إلى وزير التربية والتعليم في بلده، كان ينتقد إبعاد المناهج عن الدين والهوية، واستبدالهما بمناهج الحيوانات وريشها، في جنوح عميق جدا، يراد من خلاله طمس وتعويم الدين والهوية، وصولا لتخدير أجيال وأجيال، تنشأ بعيدة عن أصول، لن يصلُح حالنا إلا بها.
(4) في وقت قريب من ذلك التسريب، شاهدت وتابعت ما فعله الوزير الأردني الدكتور محمد الذنيبات، الذي أعاد للتعليم العام وللشهادة الثانوية هيبتهما في الأردن الشقيق، بعد ضبط عمليات غش كبيرة في نتائج الطلبة خلال السنوات الماضية.
وزير التربية والتعليم الأردني، لم يعبأ برسوب العديد من الطلبة، بل كان صريحا جدا مع مخرجات التعليم في بلده، لم يجمّلها ولم يزينها ليبقى منتشيا بأرقام، يعلم في قرارة نفسه بأنها غير حقيقية، ولكنه أبى ذلك، ووضع يده على الجرح، بمكاشفة صادمة ولكنها ضرورية، ليصل إلى حل يقيل التعليم من عثرته.
(5) أختم مصارحة اليوم، بحكاية وزير التربية والتعليم السابق في المملكة العربية السعودية الدكتور عزام الدخيل.
هذا الوزير تم نقله مستشارا في الديوان الملكي السعودي مؤخرا. لكن ما لفت نظري حقيقة، هو الالتفاف والتعاطف الشعبي الكبير الذي لقيه هذا الوزير، والذي خرج من وزارته وجموع غالبة من السعوديين يتمنون أن يعود إليها.
اطلّعت على هاشتاج "#شكرا_عزام_ الدخيل"، وبحثت عن إنجازاته، فوجدت كلاما جميلا سطره منتسبو وزارة التربية والتعليم بحق وزيرهم السابق.
خلال 10 أشهر فقط، حقق هذا الوزير على يديه 36 إنجازا جوهريا ملموسا، غالبيتها مبادرات راقية مسّت المعلم والطالب والأسرة بصورة مباشرة.
من النادر أن يغادر أي وزير ويطالب الناس ببقائه، خاصة في حالة هذا الوزير الذي لم يستمر في وزارته سوى فترة محدودة، مقارنة بوزراء كثُر ملتصقين بكراسيهم ردحا من الزمن، وعندما تبحث عن حقيقة (إنجازاتهم)، تجدها مثل "الحمل الكاذب"!.
ليست العبرة في أسماء المشاريع التربوية والتعليمية المعلنة، ولكن العبرة في المخرجات التعليمية المدرسية والجامعية، وهذا موضوع خطير جدا، قد نعود إليه مرة أخرى في القريب العاجل!.