سياسة وأمن » تصريحات

مدى تأثير السياسة الأمريكية في الأزمة (السعودية - الإيرانية)

في 2016/01/18

ديف كلارك، نيكولاس ريفز- يور ميدل إيست- ترجمة: علاء البشبيشي- شؤون خليجية-

التقارب (الأمريكي - الإيراني) أضرَّ بتحالف الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية، ويغذي الأزمة المتصاعدة في الخليج؛ هكذا يؤكد الخبراء.

فشلت الولايات المتحدة في إدارة علاقاتها مع حلفائها السنة العرب التقليديين في المنطقة، بينما توصلت إلى إصلاح العلاقات مع خصومها الشيعة الألداء في طهران.

نتيجة لذلك- يحذر الخبراء- عانت واشنطن من فقدان النفوذ، في وقت هي بحاجة إلى تطبيق الاتفاق النووي، والعمل مع كل من طهران والرياض لإنهاء الحرب السورية.

سياسة عوراء

في تصريحٍ لوكالة فرانس برس، قال سلمان شيخ، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة "الشيخ": "أعتقد أن الإدارة (الأمريكية) تنتهج سياسةً عوراء، تنظر بعينٍ واحدة إلى المشهد". وكشف أنه وآخرين حذروا المسؤولين الأمريكيين "على أعلى مستوى" من أن تركيز واشنطن على إيران أضر بعلاقاتها التقليدية الدافئة مع الرياض.

وأضاف: "نتيجة لذلك، نرى الآن صراعًا خطيرًا على السلطة يدور بين الخصمين الرئيسيين في المنطقة".

وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، قد دعا نظيريه السعودي والإيراني يوم الاثنين، 4 يناير 2015، للعمل على تخفيف حدة الأزمة، التي وصلت ذروتها عندما استقبلت الرياض العام الجديد بإعدام رجل دين شيعي بارز.

وتعليقًا على قرار الرياض بقطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، قال المتحدث باسم الخارجية، جون كيربي: "نأمل أن الوضع لم يصل إلى درجة لا يمكن إصلاحها". وحث زعماء المنطقة على "العمل من أجل حل القضايا الملحة في العراق وسوريا واليمن وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط".

إثارة الفتنة

لكن سلمان شيخ يرى أن واشنطن لا تمتلك الكثير من السلطة لتصحيح الوضع. وبينما تتهم الرياض طهران بإثارة الفتنة بين الأقليات الشيعية في الدول العربية، ترى إيران السعودية وكيلًا لأمريكا وراعيًا للإرهاب.

وكانت واشنطن قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بعد أزمة الرهائن عام 1979، وحافظت على علاقة صداقة وثيقة مع المملكة العربية السعودية. لكن كان هناك غضب متصاعد في الرياض على مدار السنوات الأخيرة، بموازاة تواصل واشنطن مع طهران لعقد اتفاق بشأن مستقبل برنامجها النووي.

ويبدو أن ثمار ذلك أينعت في يوليو الماضي، حين وافقت إيران على تدابير تقضي بإبعاد أمد حصولها على سلاح نووي في مقابل تخفيف العقوبات. وبينما يصر "كيري" علنًا على أن الاتفاق النووي مستقل ذاتيًا، إلا أنه يعتبر على نطاق واسع خطوة نحو علاقة عمل أفضل مع طهران.

الأطراف المعنية في سوريا

أغضب ذلك الرياض وحلفاءها في الخليج، الذين يرون يد إيران وراء الهجمات المسلحة والاضطرابات الشيعية والتمرد الحوثي والأزمة السورية. وفي المقابل، نَحَّت واشنطن مخاوفها جانبًا، وعملت- مع روسيا- لجلب إيران إلى الطاولة، باعتبارها طرفًا معنيًا في الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب السورية.

لكن السعودية تجاهلت التحذيرات الأمريكية حينما استقبلت عام 2016 بإعدامات جماعية، شملت رجل دين شيعي. وسرعان ما استغل المتشددون الإيرانيون إعدام "النمر"، وفي عطلة نهاية الأسبوع، ووقفت السلطات المحلية متفرجة بينما كان المتظاهرون يقتحمون السفارة السعودية.

بدورها أدانت وزارة الخارجية الأمريكية الهجوم على السفارة، لكنها كررت أيضًا الإعراب عن قلقها إزاء العملية القضائية السعودية. وقال "كيربي": "ما زلنا ندعو الحكومة السعودية لحماية حقوق الإنسان واحترامها، والسماح بالتعبير السلمي عن المعارضة".

وبينما قطعت السعودية وبعض حلفائها السنة العلاقات مع إيران، عرضت الولايات المتحدة ومنافسها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لعب دور الوساطة. وهو ما يمثل أيضًا انتكاسة لواشنطن، كما يقول سلمان شيخ: "باعتبارها القوة المهيمنة إقليميًا، فهي المسؤولة عن إدارة هذه المسؤولية".

انتقادات وجيهة

ويرى ألبرتو فرنانديز، وهو سفير أمريكي سابق يعمل حاليًا مع معهد بحوث إعلام للشرق الأوسط، أن الأزمة أثبتت صحة الانتقادات الموجهة للإدارة الأمريكية.

وفي إشارةٍ إلى الدور الإيراني العدواني في ساحة المشكلات الأخرى حول الشرق الأوسط، تساءل: "كيف يمكنكَ تدفئة علاقاتك مع إيران دون إحباط حليفك؟".

وأضاف في تصريحٍ لوكالة فرانس برس: "لقد صدق الذين قالوا إنه لا يمكن الفصل بين الاتفاق النووي الإيراني وأنشطة طهران الأخرى في المنطقة".

لكن "كيري" رفض هذه الاتهامات. وأصر المتحدث باسم خارجيته "كيربي" على أن الولايات المتحدة، في إطار سعيها لعقد اتفاق نووي لجعل العالم أكثر أمنًا، لم توفر تذكرة مرور لإيران.

وأضاف: "لا أحد يغض الطرف عن قدرة النظام في طهران على القيام بالمزيد من الأنشطة المزعزعة لاستقرار المنطقة. ولا زلنا نعتقد أن إيران دولة راعية للإرهاب. ونعلم أنهم مستمرون في دعم الفاعلين السيئين في المنطقة".

وأيًا ما كانت خطوة واشنطن القادمة- ما بعد مناشدة الهدوء- قد تستمر الأزمة الدبلوماسية لسنوات، وتتغذى على غيرها، بما يهدد المحادثات السورية.

وإن كانت الولايات المتحدة لا تزال تأمل أن تمضي المفاوضات برعاية أممية قُدُمًا، كما هو مخطط لها في وقت لاحق من هذا الشهر، لكن الاحتمالات الضئيلة للتوصل إلى سلام سريع أصبحت أكثر خفوتًا.