دول » السعودية

(10) تحديات خارجية أمام السعودية في 2016.. فكيف ستواجهها؟

في 2016/01/19

سامية عبدالله- شؤون خليجية –

تحديات خارجية متصاعدة تواجه المملكة العربية السعودية في ظل بدء تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني وصعود طهران كقوة عسكرية ونفطية واقتصادية، بما يعزز مشروعها للتمدد الشيعي ويكشف عن حقبة جديدة بتبلور تحالف جديد "إيراني روسي" مدعوم برضا غربي أمريكي، يعطي أولوية للحليف الإيراني وأجندته السياسية، بما سيصعد حرب النفط بالفترة القادمة كسلاح ذو حدين، يبدو أنه سيكون اضطراريا.

أما على صعيد الملف السوري واليمني فيبدو أنها تعاني من تعثر وانسداد أفق الحل السياسي نظرا لتشابك الملفات الإقليمية والدولية، وانشغال الدول الكبرى والأمم المتحدة بالحرب على داعش وإطلاق المارد الإيراني مع تأجيل حسم الملف السوري واليمني ولو على حساب تشريد ملايين اللاجئين وتطويق السعودية وإنهاكها في عدة جبهات ماليا وعسكريا وإدخالها في سباق للتسلح وفي مواجهة المحور الروسي الإيراني العراقي السوري.

الأمر الذي يجعل سرعة دخول الحلف العسكري الإسلامي والتحالف السعودي التركي، والمحور السني على رأس أولويات الرياض لتشكيل قوة ردع عربية إسلامية بعد تخلي الغرب وأمريكا عمدا عن أمن الخليج والسعودية الحليف التقليدي بالسابق.

"شؤون خليجية" يستعرض خلال التقرير التالي أبزر التحديات الخارجية التي تواجه الدبلوماسية السعودية خلال عام 2016 وهو العام الثاني لحكم الملك سلمان بن عبد العزيز.

1- تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني

يعد بدء تنفيذ الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الدول الست "5+1" ورفع العقوبات أحد أبرز التحديات في مواجهة السعودية حيث يشكل مرحلة فارقة تعيد تشكيل التحالفات والتوازنات الإقليمية بدعم غربي أمريكي أوروبي لطهران الأمر الذي يعزز من مشروعها التوسعي وقدراتها العسكرية والدفاعية والاقتصادية والمالية والسياسية، فتدفق مليارات الدولارات على الخزانة الإيرانية وميزانية الدفاع والحرس الثوري تمثل مدد جديد لأذرعها وميلشياتها العسكرية بما يطيل أمد الصراعات والحلول العسكرية ويشعل بؤر جديدة عبر ميلشيات شيعية، ويفرض الأجندة السياسية لطهران على ترتيبات التسوية النهائية بالملفات الحرجة وأهمها اليمن وسوريا ولبنان والعراق.

2- الإمبراطورية الفارسية وإعادة تأهيل إيران   

تمكين الغرب وأمريكا لإيران تحدي بذاته جعل الرياض تعتمد على قدراتها الذاتية والظهير العربي والإسلامي، وتساءل الكاتب إياد أبو شقرا، بمقال بعنوان "يوم إعادة تأهيل إيران" في 17 يناير الجاري بصحيفة الشرق الأوسط "ماذا سيترك باراك أوباما لخلفه في البيت الأبيض؟"

على الأقل وضع الشرق الأوسط لا يبدو مطمئنًا، في هذه اللحظات، مع رفع المجتمع الدولي العقوبات المفروضة على إيران..عمليًا، المجتمع الدولي أعاد تأهيل إيران، وقرّر تصديق قادتها والوثوق بخطها السياسي، والتغاضي عن كل تجاوزاتها دوليًا وإقليميًا – بل ومحليًا أيضًا – إنه نظام يضم حكومة لا تحكم، ويرأسه «مرشد أعلى» يرشد ويوجّه ويأمر بالتنسيق مع ميليشيا اسمها «الحرس الثوري».

3- تغيير المشهد الجيوسياسي

وحذر أبو شقرا، من أنه "يغدو عهد روحاني التطور المطلوب لإحداث تغيير استراتيجي في المشهد الجيو - سياسي في الشرق الأوسط، وفي هذه الحالة فهو لا يختلف كثيرًا عن ظهور تنظيم "داعش" الذي ولد في ظروف غير مألوفة، متسمًا بتركيبة غامضة وممارسات مشبوهة، وحقًا ها هي إيران تطرح نفسها عبر روحاني، ووزير خارجيته، للعالم على أنها «شريكة».. ليس في مجال التنمية والاستثمارات المجزية فحسب، بل في مجالي مكافحة الإرهاب والدفاع عن حقوق الإنسان، بما فيها الأقليات، أيضًا. غير أن هذا الادعاء ما كان له أن يمرّ لولا حقيقتان:الأولى: الاستثمار الإيراني الدؤوب لأذرعها في الخارج، الثانية: فهمها أن عالم السياسة يقوم على المصلحة لا المبادئ وفروسية الخلق.

4- تواطؤ غربي وكوارث إنسانية وأحقاد مذهبية

ولفت أبو شقرا، إلى أن "ما يحدث اليوم في المنطقة، ما كان ليحدث من دون مناخ دولي مساعد، وبالأخص في الولايات المتحدة، والبديهي أن المصالح الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة وكبريات الدول الغربية أسهمت في اتخاذ قرار إعادة تأهيل إيران، لكنها تأتي على حساب كوارث إنسانية وتغييرات ديموغرافية وكيانات فاشلة وأحقاد عرقية ومذهبية باهظة التكلفة.. العواصم الغربية لن تكترث بكل هذا، لأنها قرّرت أن ترى في «داعش» اختصارًا كافيًا لعموم السنّة في المنطقة، وأن تراهن على إيران حليفًا لها في الحرب الكونية على الإرهاب السنّي.. حصرًا".

5- حرب النفط.. سلاح ذو حدين

تخوض الرياض حربا نفطية قابلة للتصعيد مع بدء تدفق النفط الإيراني كأداة عاجلة لتقليل حجم النفوذ الإيراني والمكاسب الاقتصادية المرتقبة، وقد تعمد إيران إلى منافسة منتجين آخرين في السوق رغم وجود تخمة نفطية أدت إلى خسارة برميل النفط أكثر من 70% من قيمته السوقية خلال عام ونصف العام، ليصبح سعره في أدنى مستوى منذ 12 عاما.

6- تعقد الملف السوري

تخوض الرياض حربا بالوكالة في سوريا في مواجهة إيران لحماية أمنها القومي وتفكيك مخطط طهران لتطويقها إلا أن التخاذل الأمريكي والتدخل الروسي أربك الحسابات مع قرب انهيار نظام الأسد وتقدم المعارضة السورية بما ولد معادلة عسكرية وسياسية جديدة، وبرغم نجاح السعودية في توحيد المعارضة السورية وتشكيل هيئة عليا للتفاوض مقرها الرياض، ونجاحها في الضغط على الأمم المتحدة، إلا أن حلف موسكو طهران نجح في استئصال واستهداف أهم الفصائل العسكرية وكسب نقاط إستراتيجية، ومحاولة فرض معارضة موالية للنظام، لإضعاف الفريق المفاوض، مع استمرار الحرب البرية الإيرانية بإسناد روسي، وتهميش الدور التركي بتربص روسي عراقي على الحدود التركية.

7- أوباما والتخبط والفشل الأمريكي   

يكشف الكاتب عبد الوهاب بدرخان، في مقال بعنوان "أوباما خصَّ العرب بكل إخفاقاته" اليم الاثنين، بصحيفة "العرب القطرية" كيف أثر الدور الأمريكي السلبي على تأزيم الوضع بالمنطقة حيث "تعاون نظام بشار الأسد وتنظيم "داعش" على تدمير سوريا، وتآزر الولايات المتحدة وروسيا ونظام الأسد لإلحاق هزيمة بالشعب السوري، وتواطؤ الدولتين الكبريين مع الدكتاتورية والإرهاب لقتل أي طموح عربي بالتغيير.. في خطابه قبل انتهاء ولايته الرئاسية الثانية، كان أوباما منفصلاً فعلاً عن الواقع الذي أسهم في تشكيله، سواء بتردّده أو بـ "استقالته" أو حتى بعجزه المكشوف.."

8- الفراغ الأمريكي والتدخل الروسي

كيف ملأ التدخل الروسي الفراغ الأمريكي حقيقة رصدها "بدرخان"، بقوله "فالمهم عنده، في نهاية المطاف، أن أميركا في مأمن من الإرهاب، أما معاناة بلدان وشعوب أخرى من الإرهاب فهي تفاصيل تتسلّى أميركا بـ "مكافحتها". وليست تبسيطاً، أيضاً، مفاخرته بالقطع مع سياسة أميركية تقليدية قامت على التدخل العسكري. فالصحيح أنه لم يتدخل على الطريقة البوشية، لكن "عدم التدخّل" على الطريقة الأوبامية كان في الواقع تدخلاً بالإنابة يتولّاه فلاديمير بوتين أو "أبوبكر البغدادي" أو "الحوثي" أيٌّ من شذّاذ المارقين..

في مؤشر على تهديد الرياض من الجبهة العراقية بسبب سياسة أوباما أيضا قال بدرخان: "لعل أوباما شاء الانسحاب الأميركي من العراق نموذجاً للانسحاب من المنطقة بأسره، لكنه اضطر للعودة بحجة الإرهاب، وهي حجة ذات أسماء كثيرة منها الانسحاب التخريبي بعد التدخل/الغزو التخريبي، فكلاهما سلّم العراق إلى إيران ووضعه في لجّة مخاطر لا قاع لها".

9- مواجهة التمدد الإيراني في اليمن

الانسحاب الأمريكي جاء لحساب التمدد الإيراني في اليمن، فبعد فشل الأمم المتحدة والولايات المتحدة في وقف انقلاب الحوثي، اضطرت الرياض خوض عملية عسكرية بقيادة التحالف العربي في اليمن في 26 مارس الماضي وبعد قرابة عشرة أشهر، لا يزال الحسم العسكري الخيار الأكثر ترجيحا في ظل فشل تثبيت الهدنة الإنسانية خمس مرات وتعنت الحوثي وصالح وعجز الأمم المتحدة عن فرض القرار الأممي 2216 ، وبرغم نجاحها في تحرير مدن جنوبية مهمة لا تزال سياسة الحوثي في حصار المدن وأهمها تعز والاغتيالات والتفجيرات واستهداف الحدود السعودية الجنوبية، تنهك الرياض، مع تأجيل المفاوضات لأجل غير مسمى بجانب محاولة مقايضتها على مواقفها في سوريا بأمنها في اليمن، وحتى الآن يتسم الموقف السعودي بالصلابة حيث يصر على رحيل الأسد، إلا أن التوافق الدولي عقب تفجيرات باريس على أولوية محارب داعش عقد الأزمة.

10- التحالف العسكري الإسلامي

جاء تدشين التحالف الإسلامي ذو طابع عسكري ردا على التحالف الروسي الإيراني المتصاعد والذي شكل محورا رباعيا بطابع عسكري "روسي إيراني عراقي سوري" إلا أنه بحاجة إلى تفعيل وبخاصة من قبل الدول المركزية فيه باكستان،تركيا،مصر، وفي هذا الإطار قام وزير الدفاع السعودي بزيارة باكستان لتحديد دورها، بجانب تقارب سعودي تركي والاتجاه لتشكيل مجلس التعاون الاستراتيجي.

ويعد التحالف استمرارا للنهج الذي سنَّه الملك سلمان بن عبد العزيز بأخذ زمام الأمور في المنطقة، بما يفتح الباب للرياض لترقية مكانتها كقوة إقليمية؛ حيث لم تعد تقود الخليج أو توجه الجهود السياسية والعسكرية العربية فحسب بل والعالم الإسلامي أيضًا.

يرى مراقبون أن هناك حربا نفسية تقوم على تهويل متعمد في حجم الخطر الإيراني لدفع العرب مجددا ليكونوا تحت الحماية الأمريكية، في مواجهة إيران – شرطي الخليج – بالترويج لفكرة أنه لا فائدة لهم من امتلاك عوامل القوة والقدرة الذاتية، لشل إرادتهم، الأمر الواجب محاربته.