علاقات » دول أخرى

هل تستطيع (السعودية) امتلاك السلاح النووي لردع خصومها رغم التحديات الدولية؟

في 2016/01/21

شؤون خليجية -

مع تصاعد التهديدات الإيرانية للمنطقة بوجه عام والمملكة السعودية بوجه خاص، جددت الرياض تلويحها بإمكانية اللجوء إلى خيار امتلاك سلاح نووي إذا امتلكته إيران، وتظل باكستان الدولة المرشحة لتأسيس وتطوير برنامج نووي سعودي، إلا أن هذا السيناريو يعد مكلفا وصعبا بالنسبة لحكومة إسلام إباد التي رفضت مجرد المشاركة في عملية "عاصفة الحزم" باليمن وفقا لقرار البرلمان الباكستاني، ولم يتحدد دورها بعد في إطار التحالف العسكري الإسلامي، إلا أنها تمتلك أدوات أخرى عديدة منها تحقيق توازن الردع عبر استقواء الرياض بالمظلة النووية الباكستانية.

ولا يزال ملف امتلاك الرياض لسلاح نووي مثار جدل،  فهناك آراء ترجح صعوبة امتلاكها له نظرا للظروف الإقليمية والدولية وسط مخاوف من تعجيل ذلك بمواجهة مباشرة بين دول المنطقة، إلى جانب إصرار الغرب على التفوق النووي الإسرائيلي، في المقابل هناك خبراء يؤكدون قدرة السعودية على امتلاكه بما لديها من عوائد نفطية واحتياطيات نقدية بإمكانها شراء التكنولوجيا النووية متى أرادت.

النووي خيار غير مستبعد

قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أمس الثلاثاء: "إن رفع العقوبات عن إيران بعد اتفاقها النووي مع القوى الدولية، سيعد تطوراً سلبياً إذا استخدمت طهران المال لتمويل "أنشطة شائنة" بحسب رويترز.

وحين سئل الجبير، إن كانت السعودية ناقشت السعي للحصول على قنبلة؟، أجاب قائلاً: "لا أعتقد أن من المنطقي الاعتقاد بأننا سنناقش هذا الأمر علناً ولا أعتقد أن من المنطقي توقع إجابة مني على سؤال كهذا بطريقة أو بأخرى"، رافضاً في الوقت نفسه استبعاد "السعي لامتلاك قنبلة نووية إذا حصلت إيران على واحدة".

أمريكا تهدد

في رد سريع وقاطع، قال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أن السعودية إذا فكرت في امتلاك السلاح النووي فإنه سيطبق عليها ما طبق على إيران، وأضاف "كيري" ردا على  تلويح السعوديين بالحصول على قنبلة نووية ردا على الاتفاق النووي مع إيران،: "لا يمكن لدولة شراء قنبلة نووية من السوق، هكذا لأن هناك الكثير من القوانين الخاصة بحظر الانتشار النووي وسيكون هناك تداعيات كبيرة لأي خطوة من هذا النوع، والسعودية تدرك ذلك، وتعرف أن أمرا مماثلا لن يكون ممكنا ولن يكون أمرا سهلا لأن المملكة عندها ستمر بكل الأمور التي مرت بها إيران وستخضع للتدقيق والتفتيش الدولي."

بما يعكس رفض أمريكي واضح لأي تغيير في التوازنات الإقليمية القائمة والتي تميل لصالح إسرائيل، واستعدادها للتخلي عن السعودية حليفها التقليدي في حال إقدامها على ردع إيران بسلاح نووي، وتطبيق حزمة من العقوبات الاقتصادية لن يحتملها الاقتصاد السعودي القائم على سلعة إستراتيجية واحدة هي "النفط"، وبحال حظر تصديره ستكون كارثة اقتصادية.

مظلة الردع العسكري

بالتزامن مع توسط باكستان لحل الأزمة السعودية الإيرانية أجرت باكستان، أمس الثلاثاء، تجربة ناجحة على صاروخ مجنح مطور محلياً قادر على حمل رؤوس حربية تقليدية ونووية والتخفي عن أجهزة الرصد، بينما يرى مراقبون أن باكستان يمكن أن تشكل مظلة ردع وحماية نووية للسعودية حتى بدون إمدادها بالقنبلة النووية، بدون الدخول في مواجهة مع أي أطراف إقليمية.

برامج نووية عسكرية

جدد الكاتب جهاد الخازن، بمقاله بعنوان "أي طريق ستسلك إيران الآن" بصحيفة "الحياة" اليوم الأربعاء، دعوته للمملكة لامتلاك سلاح نووي، بقوله :"تخلي إيران عن برنامجها النووي إلى حين لا يعني شيئاً، وأطالب الدول العربية مرة أخرى ببدء برامج نووية عسكرية. أطالب تحديداً مصر والسعودية والإمارات ببدء برامج عسكرية معلنة، فهي الطريقة الوحيدة لتنشط الولايات المتحدة ودول الشرق والغرب وتحاول تجريد الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.."

في 23 يونيو 2015 أكد الخازن أن السعودية تستطيع أن تشتري القنبلة النووية فتكون عندها بعد أسبوع، أو تستطيع إنتاجها في سنوات قليلة لأنها قادرة على استيراد الكوادر المطلوبة لتشغيل المفاعلات النووية. وأضاف: "الملك سلمان، وعلاقتي به مباشرة على مدى عقود، يستطيع أن يتفق مع باكستان غداً على شراء قنابل نووية منها، فالسعودية موَّلت البرنامج الباكستاني، وأنقذت اقتصاد باكستان مرة بعد مرة. طبعاً هناك خطر عقوبات، إلا أن السعودية في وضع تستطيع معه أن تعاقب الآخرين لا أن يعاقبوها".

في المقابل تبقى مساعدة باكستان محل شك فقد نفى وزير الخارجية الباكستاني عزيز أحمد تشودري بشكل قاطع الفكرة القائلة إن بلاده قد تبيع أسلحة نووية للسعودية في 5 يونيو 2015 ، ووصف عقب محادثات أجراها في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع في واشنطن، ما يقال عن إمكانية قيام باكستان ببيع أسلحة نووية للسعودية بأنها "غير صحيحة ولا تستند إلى أي أساس من الصحة".

مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في منتصف يونيو 2015، قالت: "إن السعودية دولة قادرة على صناعة القنبلة في أي وقت تريد، رغم أنه لا يرجَّح أن تتجه على الأقل في الوقت الراهن إلى صناعتها أو الحصول عليها".

تحديات امتلاك النووي

ترى صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها بتاريخ 13 يونيو 2015 أنه "لا يمكن أن تشتري السعودية قنبلة نووية؟ فهذا مستبعد تمامًا؛ فأي جهد من هذا القبيل يجب أن يتم سرًا، بسبب التهديد بفرض عقوبات، أو انتقام واعتراض الدول في الغرب. وتعتمد السعودية بشكل كبير على الأجانب وشركاتهم؛ للمساعدة في قطاع الطاقة، وبناء البنية التحتية، وشراء النفط وبيع السلع والخدمات. لذلك؛ إذا أصبحت معزولة مثل إيران وكوريا الشمالية، فإنّ نظامها الاقتصادي سينهار.

وأشارت إلى أن هناك شائعات كثيرة بأن باكستان سوف تبيع الأسلحة النووية للسعوديين. صحيح أن السعودية أنقذت باكستان عدة مرات، لكن الحكومة في إسلام آباد تدرك جيدًا أن مثل هذه الصفقة قد يجعلها منبوذة وستؤدي إلى فرض عقوبات.

تنويع الحلفاء

في مؤشر على محاولة تنويع مصادر امتلاك الطاقة النووية السلمية وقع الطرفان السعودي والصيني أمس الثلاثاء 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم بينها مذكرة تفاهم من أجل التعاون لإقامة المفاعل النووي ذي الحرارة العالية والمبرد بالغاز.

ولكن هل يمكن أن تقدم بكين على مد السعودية بالبنية التحتية الخاصة بالسلاح النووي، أمر مستبعد في ظل ميل الصين إلى التحالف الإيراني الروسي وتجنبا لتحولها إلى طرف في الصراع، بجانب تباعد الخلفية الحضارية للدولتين.