دول » قطر

وزارة البلدية والبيئة وملفات ساخنة على مائدة الوزير الرميحي

في 2016/02/05

د. ربيعة بن صباح الكواري- الشرق القطرية-

من الوزراءالجدد ؛الذين تم تعيينهم في آخر تشكيل وزاري في قطر قبل أيام، سعادة السيد محمد بن عبد الله بن متعب الرميحي وزير البلدية والبيئة ، ولا شك أنه من الشخصيات التي تتمتع بالسمعة الطيبة خاصة بعد عمله السابق في المجال العسكري ومن بعده بوزارة الخارجية ، ووجوده في منصبه الجديد لا شك انه سيضيف الكثير لهذه الوزارة التي تتطلب الكثير من التغيير الذي ينتظره العديد من أهل قطر للارتقاء بالبلدية والبيئة خاصة أن هذه الوزارة من الوزارات الخدمية التي يرتبط بها المواطن والمقيم معا طوال أيام السنة بلا انقطاع، كما أن الفترة الحالية تتطلب أيضا من الوزير دراسة الأخطاء والتجاوزات السابقة لتصحيحها مع اجراء التعديلات والتغييرات المناسبة في البلديات وإداراتها التي يتطلب وضع بعضها إلى تغيير طاقمها الإداري تمشيا مع الصالح العام.
(1)تعد وزارة البلدية والبيئة من الوزارات المهمة والحيوية ، لكونها تقدم خدماتها للمواطن والمقيم على مدار الساعة سواء عبر تخليص المعاملات أثناء الدوام الرسمي أو من خلال التفاعل مع خدمات الموقع الالكتروني الرسمي للوزارة . وما من شك ان دمج وزارة البلدية مع وزارة البيئة تحت مظلة واحدة هي خطوة للأمام لتوحيد الجهود والمعاملات الادارية والمالية وهو ما طالبنا به عبر هذا المنبر ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لإنجاز مهامها بالشكل الصحيح الذي يليق بها ، مع توفير المصروفات قدر الامكان وعدم تبذيرها في الوقت الراهن بسبب انخفاض أسعار النفط وتأثير ذلك على الاقتصاد الوطني ، والوزارة هنا مطالبة بمنع هدر المال العام وحسن التخطيط في هذه المرحلة التقشفية.
(2)ولعل من سلبيات الفترة السابقة بوزارة البلدية ووزارة البيئة أيضا، التخبط في العمل الاداري وانتشار الفوضى والمحسوبية وعدم انجار معاملات المواطنين والمقيمين بالشكل الذي يرضي الجميع ، وبالرغم من تعامل الزبائن عبر الموقع الالكتروني للوزارة إلا أن هذه الطريقة لم تكن ناجحة إلا في بعض أنواع المعاملات. ولذلك يتطلب اليوم ان تقوم الوزارة بسن طرق جديدة وسياسة تختلف عن السابق كي تقوم على وجه السرعة بانجاز العمل الاداري وتخليص المعاملات في دقائق أو ساعات بدلا من تعطيلها لعدة أيام أو أسابيع كما كان سائدا في الماضي ، ومن تلك المساوئ – على سبيل المثال - عدم انجاز " الخرائط " لبناء العقارات في موعدها بل كانت تتأخر المسألة لفترة طويلة في التخطيط العمراني بلا مبررات مقنعة ، وكذلك كانت بعض المعاملات تقوم على العديد من التجاوزات في مشاريع البناء دون رادع يذكر ، ولعل ضعف الرقابة على "مكاتب الخرائط " وضعف اداءها هو من أسباب التأخير الذي يأتي على حساب صاحب الخرائط فتتعطل أموره ويخسر الكثير من الوقت بلا فائدة !!.
(3)ومن الخطوات المهمة أيضا في المرحلة المقبلة الاهتمام أكثر بالموقع الالكتروني للوزارة واخراجه بشكل افضل خاصة بعد دمج موقع البلدية وموقع البيئة تحت وزارة واحدة وكذلك تفعيل حسابها على " تويتر" ، وهو ما يتطلب حسن التطوير الإلكتروني على جميع بواباتها بعد ضم الادارات والاقسام في الوزارتين السابقتين ، وهو ما يتطلب في نفس الوقت تحسين الخدمات للمراجعين وعدم التأخير في أي معاملة أو تعطيلها.
(4)وكذلك " هيئة أشعال " مطلوب ضمها مع الوزارة ومراقبة أموالها وميزانياتها السنوية ومتابعة مناقصاتها وكيف توزع ولمن تذهب وكيف يتم منح الصفقات للشركات ، ولهذا فان الكثير يقترح بان تتبع الهيئة مباشرة الى مكتب " وزير البلدية والبيئة " بهدف الرقابة على المال العام والحفاظ عليه ، من باب "ولكن ليطمئن قلبي" ! . وما من شك ان الحرص على توحيد ودمج المصروفات من أبرز الخطوات المهمة والمطلوبة في المرحلة التقشفية المقبلة لتلافي هدر الاموال وهو ما يسهم في توحيد الجهود والخطط الاستراتيجية وصبها في المصلحة العامة.
(5)أما ما يتعلق بتسمية الشوارع في قطر ، فتعتبر لجنة تسمية الشوارع من اللجان القديمة والمهمة بوزارة البلدية والتي بدأت بوضع أسماء الشوارع منذ عقود مضت ، وحان اليوم لتفعيلها وضمها الى مكتب الوزير الجديد مباشرة بهدف تغيير بعض الاسماء التي قد لا تتفق مع طبيعة المجتمع القطري وهويته ، فالمجتمع كان ومازال يعترض على تسمية الكثير من الشوارع ويطالب بتغيير الكثير منها بأسماء يجب ان تمت للمجتمع القطري مثل وضع أسماء بعض الاعيان والوجهاء وكبار الشخصيات الذين غادرونا الى الدار الاخرة خلال الفترة الماضية لتخليد أسمائهم في ذاكرة الوطن ، وهذا يتطلب اعادة تشكيل اللجنة من بعض المثقفين والسياسيين والاكاديميين والاعلاميين واهل الحل والعقد في البلاد وغيرهم وذلك للتأكيد على أهمية اختيار اسماء الشوارع المناسبة التي تتفق مع بيئتنا وثقافتنا القطرية.
(6)ومن المشاكل البيئية داخل المجتمع انه بين الحين والاخر تتكرر حوادث انبعاث الغاز وانتشاره في سماء البلاد وهو ما يتطلب منا تذكير الوزير الجديد بهذه الكارثة البيئية التي تعرض حياة السكان للخطر في ظل غياب شروط السلامة والمتابعة ، وقد ممرنا بهذه التجربة خلال انبعاث الغاز سنة 2014 م – على سبيل المثال - من خلال تلوث الهواء وانبعاث الغاز ووصول رائحته للبيوت والمناطق المجاورة لمدينتي " الخور والذخيرة " وما جاورهما ، بل ان رائحته وصلت الى الدوحة العاصمة ، ووزارة البيئة في تلك الايام كانت اخر من يعلم ولم تتحدث عن تلك الكارثة عبر وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي إلا بعد مرور فترة ليست بالقصيرة ، وهنا يأتي اهتمام الوزارة الحالية بتلك الظاهرة عند تكرارها في المستقبل لاتخاذ الاحتياطات اللازمة . ولعل السؤال المهم الذي يطرح نفسه اليوم في هذا الموضوع هو : أين نحن من الاستراتيجية الوطنية البيئية 2011 — 2016 وماذا تحقق منها لخدمة البيئة القطرية بالشكل المطلوب ؟ . حيث يعتبر الترويج للاستدامة البيئية عنصرًا أساسيًا من عناصر استراتيجية التنمية الوطنية ( 2011 - 2016 ) . مع تركيز استراتيجيتنا البيئية على تحقيق : التزامات جديدة لإدارة بيئية طويلة الأمد ، وتغييرات منهجية لتحقيق أهداف الحفظ الخاصة ، ومناشدة القيم الاجتماعية للاستثمار في البيئة من أجل الأجيال القادمة وفي الوقت نفسه ما زال " مفهوم حماية البيئة غائبا بدولة قطر في ظل ركائز رؤيتنا الوطنية" .
(7)وكذلك من القضايا الأخرى على الجانب الاداري انه توجد في الوزارة اليوم بعض الكفاءات والكوادر القطرية المؤهلة علميا واداربا في مجالات " البيئة والتخطيط والادارة والهندسة " التي يجب تعيينها في المناصب القيادية بشكل مستحق ، فقد حان الوقت لتقديرها واستقطابها في الوزارة الحالية (مثل منصب الوكيل والوكلاء المساعدين والادارات واللجان المهمة) ، وهو ما يؤهلهم لحمل لواء العمل الجاد والمنتج ومن ثم الابداع في المرحلة المقبلة بعد الدمج مع الاستفادة من خبرات اصحاب المؤهلات الدراسية العليا من دبلوم وماجستير ودكتوراه ، بهدف الارتقاء بالوزارة اليوم نحو التطوير والتغيير بما يوافق رؤية قطر الوطنية 2030.
(8)الاتفاقيات التي أبرمتها " البيئة " في السابق على وجه الخصوص، والوزارة بحاجة كذلك لتحريكها، حيث
لم يتم تفعيلها أو تنفيذها على أرض الواقع ، وهذه المسألة من المسائل الغائبة التي يجب ان يتبناها سعادة الوزير لأنها تتعلق بأعراف اقليمية ودولية يجب مراعاتها وتطبيقها واخراجها الى النور بما يواكب رؤيتنا التنموية وان يديرها الشباب القطري المؤهل علميا واداريا لخدمة هذا الوطن والمساهمة في الارتقاء به على كافة المستويات ومنها بكل تأكيد في " المجال البيئي ". ولهذا فالوزير الجديد مطالب بتفعيل هذه الاتفاقيات واسنادها لبعض خبراء البيئة من الكفاءات القطرية لمواصلة انجازها وترجمتها على ارض الواقع بما يخدم الوطن في هذا المجال الذي غاب - مع كل أسف - خلال السنوات الماضية بسبب ضعف اداء وزارة البيئة وسوء التخطيط فيها !! .
(9)كذلك فان الوضع داخل بعض البلديات سواء داخل أو خارج الدوحة يحتاج من الوزير التعامل بشفافية مع بعض من يدير هذه البلديات ، او العمل على تغيير اداراتها- ان صح التعبير- من أعلى الهرم بما يخدم المصلحة العامة للقضاء على بعض التسيب والخلل الاداري فيها من اجل الارتقاء بالعمل البلدي لصالح الوطن والمواطن بشكله الصحيح . فلا يعقل ان يتم التساهل مع بلديات بعض المدن والقرى وبخاصة من هي في خارج الدوحة حيث تحول العمل فيها الى بلدية تدار بحسب أهواء مديرها وهو ما يعتبره البعض انه يندرج تحت " استغلال النفوذ " دون حسيب أو رقيب أو بتجاهل متعمد في الفترة السابقة ، بل يجب اعادة الامور الى نصابها لكي لا تتحول بعض هذه البلديات الى " سمسرة " او الى مدن صناعية جديدة يختلط فيها سكن العزاب مع سكن المواطنين بشكل مقزز وهو ما يشكل اليوم أحد أشكال سوء الادارة الواضح الذي يجب عدم السكوت عنه في العهد الجديد للوزارة !! . ومطلوب كذلك اعادة النظر في موضوع بيوت البر ، و" العزب " وتعديل بعض التشريعات الخاصة بها منعا لأية بلبلة بين المواطنين مع الالتزام بالقوانين بهدف عدم تطفيشهم ومضايقتهم !! .
(10)ومن الموضوعات المهمة التي تشغل بال الكثير من الموظفين في الوزارة اليوم الوقوف مع الموظفين الشباب ودعمهم لزيادة انتاجيتهم في العمل ، وحل جميع العقبات التي تعتريهم ولم تجد اي اذن صاغية في الماضي وتحتاج الى التصحيح مثل : القرارات المزاجية في منح " بدل الاضافي " للموظفات الاناث على حساب الذكور وتقليل العمل الاضافي على المفتشين الذكور وهو نوع من الازدواجية في العمل . وكذلك اعادة " الدرجة الاستثنائية " للموظفين التي صرفت للبعض وحرم منها البقية . كذلك يسأل سائل : لماذا يمنع الموظف من الانتقال من بلدية الى بلدية أخرى أو من قسم الى قسم وهو ما يدخلنا في المساءلة القانونية وحق الموظف في نيل مراده وما يناسبه وعدم فرض اية قرارات فوقية ضده لا تنم عن الاستقرار الوظيفي وبما لا تخدم مصلحته الوظيفية . وهناك مشكلة كبيرة تواجه بعض الموظفين تكمن في عدم الحصول على " موقف سيارة " أثناء الذهاب للعمل وبخاصة في " مبنى السد بلازا ". وكذلك يشكو البعض من عدم تطبيق نظام البصمة في الحضور والانصراف على الجميع وان هناك تفرقة بين بعض الموظفين ويجب ان يطبق النظام على الجميع دون استثناء أحد . وبالنسبة لقسم شكاوى المواطنين والمقيمين ما زال ضعيفا ويجب ان يكون اقوى اليوم من السابق وان يكون من يعمل فيه على قدر من المسئولية . ولابد ايضا من التعامل بحزم في منع ممارسة التدخين داخل المكاتب اثناء العمل وهذا نص عليه قرار مجلس الوزراء الموقر قبل سنوات والذي لا يطبق في المؤسسات الحكومية مع كل أسف . وبخصوص اعطاء الدورات التدريبية للموظفين ما زال يقدمها غير القطريين ويجب ان يديرها ابناء البلد لانهم اولى من غيرهم وهناك العشرات من القطريين الذين لديهم المقدرة على فعل ذلك . اما ما يتعلق بالظلم الوظيفي من التقييم السنوي فحدث ولا حرج ومطلوب الاهتمام بهذه القضية لكي لا يتحول الموظف الى المحكمة الادارية التي تأخذ وقتا طويلا من اجل اعادة حقوقه كاملة ، لان بعض الموظفين اذا أرادوا الحصول على تقدير (امتياز) عليه ان يقدم بعض التنازلات وبصريح العبارة ان يصبح كما يقول المثل الشعبي (مساح جوخ).
(11)ولعل أهم أعباء الوزير الجديد ايضا هو القيام بدراسة الوضع السابق وما تكبدته " وزارة البلدية " و " وزارة البيئة " من أخطاء وتجاوزات ادارية ومالية وتخطيطية لا تقوم على النزاهة والشفافية ، وهذا يتطلب تشكيل لجنة من أهل الاختصاص لمعرفة هذه التجاوزات والسقطات التي بحاجة لتصحيحها لعدم تكرارها في المستقبل، وكلنا على ثقة ان سعادة الوزير قادر على تحقيق هذا الجانب الايجابي للسير قدما بالوزارة للأمام بما يخدم مصلحة الوطن ورؤية سمو أمير البلاد المفدى.
(12)من أهم المسئوليات التي تتحملها " البلدية " و" هيئة أشغال " تخطيط الشوارع والصورة السيئة التي رسمت في أذهان الناس عن ضعف وسوء التخطيط لشوارعنا وهو العامل الذي أربك الشوارع بسبب كثرة اعمال الطرق والحفريات وسوء تصميمها وهو ما تسبب في الاختناقات المرورية والزحمة غير الطبيعية بسبب ضعف البنية التحتية وأدائها الهش في التخطيط ، حتى اصبح الزحام مثل الصداع في رؤوس الجميع ، ومنها الطرق الخارجية كما جاء على لسان إحدى الصحف المحلية :" الطرق الخارجية تشمل عدم مطابقتها للمواصفات حيث تنتشر فيها الحفر، بالإضافة إلى عدم استواء الطبقة الاسفلتية وهبوط أجزاء واسعة منها الأمر الذي يتسبب في انحراف السيارات في حال اهمال السائقين الامساك بالمقود بقوة ، فضلا عن مخالفات الشاحنات ، وعدم التزام بعض السائقين بالسرعة المقررة ما يتطلب تشديد الرقابة المرورية ، ورصد العيوب الفنية في الطرق ، واجراء صيانة عاجلة للعديد من الطرق السريعة ".
(13) وفي الختام : فان الشيء المهم ان يكون التغيير في المرحلة القادمة هو التغيير في الفكر الاداري الذي يدير هذا العمل وليس السير الى الوراء عبر ديدن العمل الاداري السابق الذي ارتبط كليا باسم " الحرس القديم " الذي ما زال يعشش في هذه الوزارة ويحتاج للتغيير ونفض الغبار عنه دون تردد . انها رسالة من مواطن غيور على وطنه وهي حقائق ناطقة تتردد على لسان كل موظف يعمل في هذه الوزارة الحيوية ، وموجهة الى " سعادة وزير البلدية والبيئة" الجديد بفكره وعطائه وحماسه الذي حل لخدمة وطنه ولتحقيق رؤية سمو الأمير وطموحاته المخلصة للتطوير وتصحيح الأخطاء بكل جرأة وشجاعة ، حيث ان وزارته كانت وما زالت غائبة عن المشهد البيئي الصحيح في قطر ، وهي بحاجة اليوم الى الغربلة والفلترة من جديد ليصبح وضع حماية البيئة كنتاج لعملية مترابطة في هذه المرحلة لأننا تخلفنا عن اللحاق بركب وتقدم الأمم الأخرى وعلينا ان نسعى لتحقيق التنمية المستدامة على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والبشرية ، وذلك من خلال تطبيق مقولة الوزارة المنشودة : " ‏‏‏رؤيتنا : قيادة القطاع الحكومي الخدمي من خلال كوادر وطنية محترفة ، والاستثمار الأمثل للموارد المتاحة ، من أجل استدامة رفاهية الحياة ومتطلبات العصر للجميع " . فلا نريد لهذا الشعار المرفوع أن يكون مجرد " حِبْرٌ عَلى وَرَقٍ " يا سعادة الوزير.
** كلمة أخيرة :
لنضع أمامنا كلمة سمو الأمير وما قاله بالأمس من خلال الاهتمام بالوطن والمواطن وانجاز معاملاته على أكمل وجه ممكن وعدم تعطيلها ، مع انشاد الشفافية والرقابة المالية والادارية وتحسين الأداء والتخطيط داخل الوزارات الحكومية.