علاقات » دول أخرى

صراع النفوذ (الإيراني – السعودي) في المنطقة.. إلى أين؟

في 2016/02/08

هدى التوابتي- شؤون خليجية-

تتسع دائرة الصراع "الإيراني السعودي" كل يوم لتشمل مناطق جديدة وتحقق أهداف أكبر لأحد طرفي الصراع، ففي الوقت الذي وصل الصراع أشده في سوريا ومالت كفته نحو الجانب الإيراني وحلفاءه، ظهر صراع آخر في باكستان حول النفوذ والذي على الرغم من إرهاصاته المبكرة إلا أنه مازال مستمرًا بين الشد والجذب. وسبق ذلك صراع آخر في البحرين والذي حسم بشكل كبير لصالح المملكة، فيما أدى البحث عن النفوذ في اليمن لحرب امتدت لعشرة أشهر وأدت لآلاف القتلى والجرحى من اليمنيين حتى الآن.

باكستان والصراع على النفوذ

أشار مراقبون إلى أن الصراع بين إيران والسعودية بدء مبكرَا منذ شن المملكة لعاصفة الحزم من خلال ضغط المملكة على باكستان للمشاركة في التحالف العربي باليمن من خلال قوات برية وهو ما رفضته السلطات الباكستانية معتبرة أن الحرب قرار متهور من المملكة.

ولفت المراقبون إلى استمرار المملكة محاولاتها وضغطها على إسلام أباد لتقف في صفها ضد إيران والتي كان أبرز ملامحها زيارة وزير الخارجية والدفاع السعوديان لباكستان بداية العام الحالي لتوضيح سياسة الرياض تجاه طهران، وضغط ولي ولي العهد، وزير الدفاع، محمد بن سلمان على باكستان لكي تشارك بنشاطٍ في التحالف العسكري الإسلامي.

وفي إطار المنافسة بين البلدين أيضًا، كشف تقرير صادر مؤخرًا أن باكستان تضم ، 285 مدرسة دينية إسلامية تتلقى تمويلا أجنبيًا. يتلقى ثلثها أموالًا من شيعة إيران والعراق، ويحصل ثلثيها على تبرعات من السعودية.

وأوضح مراقبون أن الخلاف بين إيران والسعودية أدى لانقسامات داخل أروقة السلطة في إسلام أباد، ففي الوقت الذي يدعم فيه رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف موقف المملكة فإن رئيس الاستخبارات العسكرية الفريق رضوان اختر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الجنرال راشد محمود، كانا يعارضان بشدة، وجاء قرار البرلمان في صالحهما من ناحية المشاركة في التحالف العربي باليمن.

ويخشى قادة الجيش الباكستاني أنهم إذا انخرطوا في حرب اليمن، أن تشتعل انتفاضة في إقليم بلوشستان المطالب بالانفصال، والقريب من النفوذ الإيراني.

فيما نشر تقرير تابع للاستخبارات الفرنسية أواخر عام 2014، أن المخابرات العامة السعودية تضغط على وكالة الاستخبارات الباكستانية، لتصعيد عملياتها ضد إيران.

سوريا ساحة صراع تقدمت فيها إيران

على الرغم من أن الشيعة يمثلون نسبة لا تزيد عن 10% من تركيبة السكان في سوريا إلا أن النظام السوري وانتمائه للفئة العلوية استطاع السيطرة على الحكم، لفترة طويلة مكنت إيران حليفته الأبرز من التواجد الأبرز داخل سوريا.

ويعبر عن شدة النفوذ الإيراني بسوريا وتوغله تصريح بعض القادة الإيرانيين بأن سوريا هي "المحافظة رقم 35" الإيرانية، وأن بشار جعل من بلده جدارا واقيا ضد نفوذ السعودية والولايات المتحدة، وتعتبر إيران بقاء النظام السوري ضمانا لمصالحها الإقليمية.

وجاءت الثورة السورية والتي بدأت بشكل سلمي ثم تحولت لثورة مسلحة نتيجة انتهاكات نظام بشار ومن خلفه إيران المتكررة في سوريا لتقف في وجه النفوذ السوري حيث تشير عدد من التقارير أن نفوذ بشار الآن على سوريا يصل ما بين 25% إلى 40 % من سوريا.

وللمملكة العربية السعودية دور كبير في دعم المعارضة السورية حث أشارت جريدة الواشنطن بوست في تقرير لها إلى أن الولايات المتحدة ضغطت على أنقرة والرياض لمنع تقديم الأسلحة للقوى السورية المعارضة، وهو ما "ترك المعارضة في وضع هش للرد على عنف النظام والطيران الروسي"، مما ساهم في تقهقر كبير للمعارضة مؤخرًا وتقدم للنفوذ الإيراني برعاية روسية.

وأشار تقرير الواشنطن بوست أنه على العكس من التردد السعودي وأحيانا التركي في دعم المعارضة السورية، فإن حلفاء النظام قدموا له دعما غير مشروط سياسيا وعسكريا، مما يجعل السعودية وفقًا لمراقبين الحليف الأضعف بسوريا.

اليمن صراع على حدود المملكة

يعد الصراع اليمني والذي تدخلت فيه المملكة بشكل عسكري عن طريق التحالف العربي مارس الماضي من أبرز ساحات الصراع الإيراني السعودي، حيث جاء التدخل الخليجي باليمن عقب سيطرة جماعة الحوثي "الشيعة المسلحة" ذراع إيران العسكرية على السلطة في اليمن عن طريق انقلاب على نتائج المبادرة الخليجية، ونتائج الثورة اليمنية.

وعلى الرغم من ضعف جماعة الحوثي مقارنة بقوة الخليج العربي إلا أن الحرب بين الطرفين مستمرة منذ ما يزيد عن 10 أشهر، نتيجة عدة عوامل أبرزها الدعم الإيراني للحوثيين أمام التحالف العربي، وهو ما برز من خلال تمكن التحالف العربي من إيقاف أسلحة مهربة عن طريق إيران أكثر من مرة عبر السواحل اليمنية.

واستطاع التحالف العربي تقويض الخطر الحوثي بشكل كبير من خلال الواجهة العسكرية المستمرة منذ عشرة أشهر من خلال تقدمها الواسع وتحريرها لأغلب الموانئ اليمنية التي تسهل تواصله مع إيران وأنباء عن قرب دخوله لصنعاء.

ويعد الخطر الحوثي أبرز الأخطار التي واجهتها المملكة من قبل النفوذ الإيراني نظرًا لكونه مجاور لحدودها الجنوبية، مما دفعها لتدخل عسكري سريع للتصدي له.

إيران تستغل الربيع العربي لبسط نفوذها بالبحرين

برز الصراع الإيراني السعودي بشكل كبير في البحرين عقب انطلاق الربيع العربي عام 2011 حيث دعمت إيران الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت من قبل شيعة البحرين في وجه نظام الحكم السني، ودفع هذا الأمر دول الخليج وعلى رأسها السعودية لإرسال قوات درع الجزيرة والتدخل البري خوفًا من أن تصب الاحتجاجات لصالح إيران.

واعتبر مدير معهد ستراتفور للمعلومات الاستخباراتية جورج فريدمان آنذاك أن الخطوة السعودية وضعت الإيرانيين بموقف صعب على نحو يمنع النظام الحاكم في طهران من استغلال الفرصة لإثارة القلاقل في المنطقة وبالتالي دفعها لاتخاذ خيارات أخرى أقل فعالية ومحفوفة بالمخاطر.

وعلى الرغم من مرور أكثر من أربع سنوات على محاولات إيران في البحرين إلا أنها لم تتوقف حتى الآن في استغلال لمطالب الشيعة العرب في الخليج ككل وليس البحرين وحدها.