ملفات » زيارة محمد بن سلمان إلى واشنطن

السعودية والتحديات المقبلة بعيون غربية

في 2016/06/17

راصد الخليج-

تحتل المملكة العربية السعودية، المملكة الصحراوية، مكانة هامة في العالم الإسلامي؛ وذلك لأنها تضم داخل أراضيها الحرمين الشريفين: مكة المكرمة والمدينة المنورة. ، فالمملكة التي تأسست في عام 1932، من خلال تحالف بين إبن سعود، الملك الأول، وعلماء الفكر الوهابي، تواجه في هذه الأيام العديد من التحديات.

تشارك المملكة السعودية، الغنية والمنتجة للنفط، كل من مصر، تونس وسوريا العديد من المشاكل: من بينها، ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب، القمع والفساد. وقد تفاقمت هذه المشاكل، خاصة في الفترة الأخيرة التي شهدت تراجعا في عائدات النفط؛ في هذه الدولة التي تفرض ضرائب منخفضة وتدعم رعاياها، الأمر الذي أدى إلى تبني سلسلة من الإصلاحات الجذرية.

فعلى سبيل المثال، خفضت المملكة خلال هذا العام، الدعم على المياه، الكهرباء والبنزين. كما خفضت من عدد الوظائف التي توفرها أكبر شركة بناء في البلاد، الأمر الذي أجج احتجاجات عنيفة من قبل العمال في مكة المكرمة.

لكن لا شيء سيبقى في المملكة مثلما كان عليه. فقد عرفت المملكة مؤخرا مبادرة للأمير محمد بن سلمان، التي تهدف إلى تحييد ارتباط المملكة بالنفط وتنويع النسيج الاقتصادي فيها. كما ستؤثر هذه الإصلاحات على نظام التعليم وتهدف إلى تخفيف القيود والمحظورات التي تؤثر على النساء؛ الجانب الذي أثار استياء رجال الدين الوهابيين.

ويحدث كل هذا في الوقت الذي تحافظ فيه المملكة العربية السعودية على علاقة حميمة مع الولايات المتحدة، والتي توترت إثر التقارب الذي جد بين واشنطن وطهران وتوقيع الاتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه في عام 2015. كما أنه في نفس هذه الفترة، تشهد المملكة العربية السعودية خلافات مع بعض شركائها في مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى المنافسة مع إيران في حرب الهيمنة الإقليمية داخل سوريا واليمن.

وبالتالي، يمكننا القول أن المملكة العربية السعودية تواجه عددا من التحديات الداخلية والخارجية لم يسبق لها مثيل في تاريخها كدولة حديثة. لكن لا شيء سيبقى في المملكة مثلما كان عليه.

على الرغم من أن “شرارة الربيع العربي” لم تطل المملكة العربية السعودية التي يمكن أن تضع نهاية للنظام الملكي؛ إلا أن بعض المؤشرات تهدد استقرار المملكة. ففي الفترة الأخيرة، عرفت المملكة تقلبات في صناعة النفط والاستهلاك المحلي الباهظ للبنزين، توترات على مستوى الشبكات الاجتماعية، ومطالب النساء والأقليات الشيعية وعديد المؤشرات الأخرى التي تنبئ باضطرابات اجتماعية في المستقبل.

تعتبر الغالبية العظمى من المواطنين، الزعماء الدينيين، شيوخ القبائل وكبار رجال الأعمال أعضاء العائلة المالكة السعودية، الحكام الشرعيين للمملكة. ومع ذلك، يمكن أن تطرأ تغييرات في الخط الحالي للخلافة، التي تمهد إلى تفكك يهدد النظام بأكمله.

وتغذي القوى السياسية والدينية للنظام السعودي بعضها البعض؛ حيث لا يزال الاتفاق بين آل سعود وشيوخ الوهابية قائما إلى حد الآن، في الوقت الذي يتطور فيه جزء كبير من السكان في اتجاه مختلف. كما أن الملك الحالي، سلمان، لا يبدو على استعداد كبير للحد من  قوة هؤلاء العلماء.

يتعارض الشيعة السعوديين مع جهاز الدولة والمؤسسة الدينية الوهابية، التي تملك عديد الصلاحيات وتتميز بامتلاكها للشرطة الخاصة بها. وقد قدر مستشارو الحكومة أن عدد الشيعة لا يتجاوز  1.5 مليون،  في حين تزعم مصادر أخرى أنهم ما بين اثنين وثلاثة ملايين.

على ان صعود الأصولية، هو نتيجة لاستمرار القيم الروحية الأحادية للدولة، والتي تمثل مفارقة كبيرة. لكن استطلاعي رأي كشفا عن تغييرات جوهرية في صفوف المواطنين حول الحرية، الدين والمساواة بين الجنسين.

يحظر الخطاب الوهابي رفع السلاح ضد الحكام السعوديين، ولكن يعطي مبررات لاستخدامه خارج البلاد. ومن هنا يبرر النظام الوهابي تورطه في سوريا، العراق واليمن. كما أن التحالف الذي كونه ضد تنظيم الدولة، يبرز علامات غامضة.

ومن المفارقات أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط أدى إلى المبادرة بتغييرات قوية في الاقتصاد السعودي؛ التي استهلت بخصخصة حصة 5 في المائة من أسهم شركة أرامكو وتكوين صندوق سيادي ضخم.

في المملكة العربية السعودية، تعتمد النساء على الرجال في تسجيل المواليد، جوازات السفر، الحسابات المصرفية، والسفر. وتواجه النساء في هذا البلد تمييزا حادا على أساس الجنس، لكنهن يتقدمن بشكل حازم نحو التغلب على العراقيل التي تحول دون اندماجهن في المجتمع.

تتميز العلاقات السعودية مع شركاء دول مجلس التعاون الخليجي بالتباين والتغيير عبر الزمن. وبينما تحتفظ المملكة بعلاقات وثيقة مع البحرين والإمارات العربية المتحدة، تتسم العلاقات بين المملكة وقطر بالعداء. أما العلاقات مع الكويت فهي واقعية نوعا ما، فيم لا تجمعها أية علاقة بسلطنة عمان.

يبدو التنافس بين المملكة العربية السعودية وإيران واضحا وبشكل خاص في الحرب في سوريا واليمن. وفي كلتا الحالتين، تتضح مواقف متناقضة، غريبة وغير عادية وتشمل التزامات عسكرية ولوجستية، وكذلك اقتصادية.

فكلتا القوتين تحاربان من أجل الحفاظ على مجالاتها الإقليمية التي تبسط فيها نفوذها.

تقوم العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية على اثنين من الحوافز؛ المتمثلة في النفط والالتزامات العسكرية. ونظرا لأن التوتر بين هذه العلاقات سيكون مكلفا للبلدين على حد سواء؛ فقد حافظ البلدين على العلاقات الودية لمدة سنوات طويلة.

تواجه المملكة العربية السعودية تحديات هامة داخلية مثل الإرهاب، تخفيض المساعدات الاجتماعية، الضغط الاجتماعي… وخارجية مثل الحرب في اليمن، والمواجهة مع إيران … والتي تدفع البلاد إلى المبادرة بتغييرات جذرية؛ وصفها العديد من المحللين، في المنطقة والعالم، بأنها غير واعية وحتى غير حكيمة.