دعوة » خطب

أين دور المسجد من التطرف؟

في 2015/08/15

د. يعقوب أحمد الشراح- الرأي- إذا كان الإسلام دين الوسطية والاعتدال ونبذ الغلو فى الفكر والتطرف فى السلوك، فإن الواجب يحتم ترجمة ذلك فى نهج خطباء وأئمة المساجد الذين أوكلت إليهم مهام توصيل رسالة المسجد للناس وفق تعاليم الدين، ولأن هناك المئات من الخطباء والأئمة تتفاوت قدراتهم وكفاياتهم فى الخطابة وعلوم الدين فإن تأثيراتهم أو فاعليتهم متباينة، بعضها قد لا ترقى إلى المستوى المأمول ما يجعل دورهم ضعيفاً وتقليدياً لا أثر له في الحياة العامة... وقد تكون المشكلة أكبر بالنسبة لبعضهم ممن لديهم توجهات فكرية وسياسية قد لا تنسجم أحياناً مع التعليمات والمتغيرات سواء فى بث روح الوحدة الوطنية، أو غرس قيم الولاء أو محاربة الذين يستغلون الدين لأهداف سياسية أو طائفية، والسؤال: كيف يمكن قياس الأداء العام للخطباء أو حتى التعرف على توجهاتهم وطريقتهم فى توصيل رسالة المسجد إلى الناس؟

إن التركيز على خطب الجمعة بلا شك من أفضل الطرق المؤثرة، لكن هذا التأثير قد لا يكون بوتيرة فاعلة لأنها تتباين من حيث الموضوع والخطباء، وقد يحدث من دون توافق مع الأحداث والوقائع، ولا مفعول له في إصلاح الكثير من المشكلات التى يعيشها الفرد في هذا الزمن المتقلب والمشحون بالتطرف والفساد.

بعض الخطباء فى السابق أدخلوا أنفسهم فى متاهات الطائفية أو السياسة، وحتى أحياناً فى القضايا الدينية التى يختلف عليها الفقهاء وأصحاب الاختصاص فى العلوم الشرعية ما أدى إلى توقيف بعض الأئمة والخطباء عن العمل، ويبدو أن الحذر من الوقوع فى هذه الأخطاء مازال قائماً بدليل الإشارة إليه فى جريدة القبس يوم الخميس(2/7) من خلال تصريح لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يلفت النظر إلى عدم مخالفة ضوابط الوحدة الوطنية وبث التفرقة على خلفية الحدث المريع الذى جرى فى مسجد الصادق، وقد أكد التصريح أنه فى حالة عدم الالتزام، فإن ذلك يؤدى إلى إيقاف أى إمام يخالف التعليمات.

والسؤال: لماذا التحذير أو التنبيه إذا كان الخطباء تم اختيارهم على أساس العمل بالتعليمات الوزارية؟، إن التنبيه بإيقاف الخطيب يعني احتمالية الوقوع في الخطأ، وهو خطأ لا مبرر له عندما لا يحدث التقيد بالتعليمات.

على كل حال، حاجتنا ماسة فى هذا الوقت أن يكون للمسجد تأثير فاعل كمؤسسة دينية، قادرة على نقل الفكر الوسطي والاعتدال، وخاصة حماية الشباب من الاستغلال السيئ عندما يقعون فى شرك دعاة التطرف ومثيرى الفتن، وإذا كانت المؤسسات الأخرى تتحمل مسؤوليات ما يحدث من تطرف فإن المؤسسة الدينية أكثر هذه المؤسسات علاقة بمحاربة التطرف الذى يستخدم الدين كوسيلة قتل وتدمير وتشويه لمكانة الإسلام بين الأمم...

نتمنى أن تراجع الوزارة مختلف جوانب المسجد فى إطار الفكر المؤسسي الذي يعين المؤسسات الأخرى الأمنية والتربوية والإعلامية والأسرية وغيرها، فالجميع فى مركب واحد يهدف الى استقرار الدولة والحفاظ على أمنها، وحماية الشباب من التطرف والعنف، والبعد عن الغلو في الفكر، واحترام المذاهب، ومواجهة الطوفان الطائفي الذي يعصف بكل شيء.