دعوة » خطب

سعد ضحية الخطاب الإقصائي

في 2015/10/02

حسن الحارثي-   الوطن-

ذهب علماء العصر إلى ما أسموه بالقدرة على قراءة العقول وقرصنتها أو ما يعرف بالهندسة الاجتماعية. فن اختراق العقول هو علم يقوم على إيهام الضحية بأنه شخص مهم وذو نفوذ، وببعض الكلام المنمق والمقنع، يمكن إعطاء الضحية الطعم للعمل لحسابه وقضاء مصلحة معينة.

ويبدو أن هذا ما يحدث مع الدواعش الذين يستدرجون أبناءنا الصغار ويلقون بهم إلى ساحات القتال، يخترقون عقولهم ويجهزونهم لتنفيذ عمليات إجرامية، كما حدث مع سعد العنزي الذي قتل ابن عمه بدم بارد صباح عيد الأضحى المبارك، وأكمل جريمته بقتل آخرين وإطلاق النار على رجال الأمن.

لا يفعل هذا الفعل إلا شخص تعرض لعملية غسل دماغ محترفة، وإلا فما الذي يمكن أن يحفز مراهقا على القتل والسرقة وإطلاق النار؟ لكن "سعد" قبل أن يكون ضحية عمليات الغسل والاختراق، كان ضحية الخطاب المؤدلج الذي يملأ الكتب والمحاضرات في الإنترنت، ويحث على التكفير والعنف ومصادرة رأي الآخر وربما مصادرة حقه في الحياة.

عقله كان جاهزا للغسل، وكل ما على الغاسل تمرير بعض الأفكار التي خرجت من داخل مجتمعه، فقد كانت لديه الأحكام المسبقة بجواز القتل للمخالف، وبين يديه عدد كبير من الفتاوى الضالة التي تكفر رجال الدولة من العسكريين وتكفر الدولة نفسها، وتحكم بضلال البشر جميعا وترى ضرورة استعادة أمجاد الأمة.

شاب بلا وعي ولا أهداف شخصية أو مجتمعية، ولا يوجد له موطئ قدم في متع الحياة وفنونها، وأمامه من الوعاظ وخطابهم ما يجعله يكره الحياة ويقبل على الآخرة، وبالطبع الآخرة تتمثل في الجنان والحور العين والتي لن يبلغها الإنسان حتى يمتثل لأمر الجهاد، والجهاد، بحسب الخطاب الوعظي، يحثه على إقصاء المخالف وقتل المنافقين، والمنافقون هم رجال الدولة كما يرى سعد ، وسعد لم يأت بشيء من عنده بالتأكيد، فهناك من كتب وهناك من أفتى.