اقتصاد » مياه وطاقة

النفط والدولة التنموية

في 2015/12/24

وليد الزبيدي- الوطن العمانية-

ما إن تتداول وسائل الإعلام العالمية والعربية معلومات عن تراجع اسعار النفط في السوق العالمية حتى تزداد مخاوف جميع الشرائح في غالبية الدول العربية، المسؤولون يعربون عن مخاوفهم من صعوبة توفير مستلزمات الحكومة بما في ذلك مرتبات الموظفين، والمواطنون يخشون من زلزال قد يضرب جميع مفاصل الحياة ما يؤثر على المجتمع برمته، ويتعقب الناس تلك الأخبار كما يتعقبون أخبار الزلازل في الدول التي تتعرض لها، ويطرح هذا الأمر مسألة في غاية الأهمية، ماذا سيحل بهذه الدول والشعوب الثرية في حال حصل أمر من ثلاثة أمور، إذا نضب النفط وربما يحصل ذلك خارج حسابات الكثيرين وربما يستغرب حتى المختصون من حصول ذلك، أو انخفضت اسعار النفط لدرجة لا تتمكن واردات مبيعات النفط من سداد احتياجات الحكومة ومستلزماتها وربما ينخفض لدرجة يقترب فيها من كلفة استخراج النفط من باطن الأرض، وبذلك تصبح الحكومات امام معضلة استمرار الإنتاج أو وقفه وعدم التعاطي معه، وهناك احتمال ثالث وهو الأكثر قربا للواقع ويتمثل بدعم الطاقة البديلة أو ايجاد مصادر اخرى للطاقة بكلف واطئة، وحتى بالنسبة للولايات المتحدة المستهلك الأكبر لنفوط العالم فإن جهودها متواصلة لتقليل الاعتماد على نفط الشرق الاوسط، وقبل عشر سنوات شرعت الحكومة الأميركية في مشروع كبير لإنجاح مشروع عدم الاعتماد على هذا النفط، وفي أول خطوة أمر الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش عام 2005 بتخصيص عشرة مليارات دولار لهذا المشروع على أن يتواصل العمل به وتطويره وبأسرع ما يمكن، وبما يضمن خروج الولايات المتحدة على مراحل من سوق نفط الشرق الأوسط الذي تدور مخاوف عديدة حوله ومدى إمكانية بقاء مصادر النفط في هذه المنطقة آمنة.
يرى الخبراء في ميدان الطاقة أن السيناريوهات الثلاثة ليست بعيدة عن الواقع وقد يتفاجأ العالم العربي تحديدا بذلك، عندها تكون الصدمات مركبة ومعقدة والنتائج خطيرة.
عندما حصلت الأزمة المالية الشهيرة في ربيع عام 2008 وتراجعت اسعار النفط ساد الكثير من الدول قلق كبير، وتنصب المخاوف في كل مرة على النتائج الكارثية المتوقعة من جراء انخفاض اسعار النفط.
في هذه الأيام يحاصر القلق والخوف الكثير من المسؤولين والمواطنين بعد تراجع اسعار النفط والتوقعات المتداولة عن مزيد من الانخفاض في اسعار النفط في السوق العالمي.
دلالة ذلك بكل بساطة أن الدولة التي تبني سياساتها الاقتصادية على أساس استمرار تدفق النفط وبالأسعار التي يشتهيها المسؤولون في تلك الدول، إنما يدلل ذلك على ضعف في الرؤية المستقبلية وجهل خطير بمفهوم التنمية وبناء الدولة الحديثة، التي تستدعي في مقدمة شروطها وجود برامج تنموية في الصحة والتعليم والبيئة والصناعة والزراعة على أن تكون هناك اسوأ الاحتمالات قد وضعت في الحسبان، وخلاف ذلك فإن الرؤية العميقة قد ضاعت وهذا يفتح جميع الاحتمالات لجوع المجتمعات وتفشي البطالة التي ينتج عنها ارتفاع في معدل الجريمة وتراجع في الصحة والتعليم والبيئة وغيرها.