سعيد سلطان الهاشمي- مركز الجزيرة للدراسات
تساؤل أولي
نقعُ في ذات الفخ المنصوب للفهم الجمعي العربي عندما نعفي أنفسنا من مهمة التفريق بين مفهومي الدولة والسلطة السياسية. وسلطنة عُمان ليست استثناءً على الإطلاق؛ فمسألة التفريق بذاتها مهمة بالغة الصعوبة والتعقيد؛ لا بسبب ما أُنجز من مقاربات علمية ونظرية لفهمها، في العالم عمومًا، وفي الوطن العربي خصوصًا، بل نتيجةً لعقود من الممارسات السلطوية الشاملة والمركَّبة على أدق تفاصيل المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي في البلاد.
هذا الخلط الواقع على مفهوم الدولة، يبدو أنه نتيجة متوقعة لما يُمارَس على الإنسان في الوطن العربي من فيض السيطرة والتحكم من قِبل السُلطات الحاكمة تجاه الشعوب المحكومة بجميع الوسائل والأطر لضبط الفرد والجماعة. بمعنى أنها –السلطات- تتحكم في مناهجهم التعليمية، وطرق تفكيرهم وتعبيرهم وتربيتهم، وتحدِّد شكل تنظيماتهم ولقاءاتهم واجتماعاتهم، وتعمل على توجيهها لخدمة مصالحها، وليس بالضرورة مصالح الفرد والمجتمع، لأنها لا ترى فيهما إلا ذاتها؛ تلك الذات الخاصة ببقاء ووجود السلطة لا أكثر.