دول » الكويت

الكويت بين «وكر» اللهو و«الخلايا النائمة»

في 2016/03/28

د. حمد العصيدان- الراي الكويتية-

عندما ننتقد، أو يكون رأينا مخالفاً لظاهرة ما يشهده المجتمع، فليس الهدف أن نسبح عكس التيار أو ننتقد للتميز ومخالفة الآخرين، بقدر ما يكون الهدف النظر للقضية «من زاوية أخرى» قد يغفل البعض عن النظر من خلالها أو تكون غير واضحة للعيان. فليست مهمة الكاتب أن يمتدح ـ وإن كان هناك ما يوجب المدح أحيانا ـ بل أن يرشد إلى مواطن الخلل ومظاهر القصور. فالتصفيق والإشادة يمارسهما الكبير والصغير، ولا يحتاجان إلى مهارة، بينما النقد يحتاج إلى تبصّر ورؤية ما وراء الحدث لتسليط الضوء على ما يمكن أن يلاحظ من مظاهر غير صحية أو سلبية.

مناسبة القول السابق، ما تواجهه بعض كتاباتنا من انتقادات يراها بعض الأعزاء مبالغة أو تهويلا للقضية، رغم أن أغلب ردود الفعل كانت مؤيدة لما تتناوله المقالات من قضايا. ومن ذلك مقالة الأسبوع الماضي «وماذا عن المواطنين»؟ التي تناولت تحرك الدولة لمواجهة المنتمين والمؤيدين لـ «حزب الله» من الوافدين والعمل على إبعادهم، فيما لم تتخذ أي إجراء تجاه المواطنين المؤيدين الذين يعلنون ذلك جهرا عبر وسائل الإعلامي الرقمي وحتى في الندوات، فكانت أغلب الردود مؤيدة وموافقة لما ذهب إليه المقال بضرورة أن تكون هناك إجراءات تجاه مؤيدي «حزب الله» وصولا للقضاء، كما جرى مع مؤيدي «داعش»، فتجاوب الكثيرون من الأصدقاء والمتابعين مع المقال تأييدا وثناء على ما تضمنه، فيما انتقد بعض الإخوة ذلك، مطالبين بتركيز الحديث على القضايا الخدمية المحلية.

فكان الرد أن القضايا الخدمية أصبح الحديث عنها مستهلكا، وهي قضية كل الأخبار والزوايا اليومية في الصحف وعبر مواقع النت، ولا تشكل خطرا حقيقيا على وطننا ووحدتنا الوطنية، بقدر قضية مثل تغلغل «حزب الله» الإرهابي في مجتمعنا وتشكيله خطرا على وطننا، ولعل الرد القوي جاء في صبيحة اليوم التالي للمقال - يوم الثلاثاء - بمانشيت كبير في جريدة «الراي» عن مضمون المقال، يقول «الكويتيون المؤيدون لحزب الله إلى النيابة»... وتناول الخبر تقسيم المؤيدين إلى قسمين، الأول يضم المؤيدين المعروفين لدى الجهات الامنية ولا يمارسون في الوقت الحالي أي دعم أو نشاط مؤيد، وهم تحت الرصد الدائم، بينما الثاني يشمل المؤيدين الذين يعبرون عن تأييدهم في شكل علني ويجاهرون بذلك عبر المواقع الالكترونية، وهؤلاء أيضا يخضعون لرقابة وحدة الرصد الإلكتروني، بمن فيهم من يستخدمون حسابات وهمية على المواقع الالكترونية، ما يؤكد أننا نعبر في ما نتناوله عن هواجس الوطن وكل ما يهمه ويمس وحدته وأمنه.

أمر ثانٍ شهده الأسبوع الماضي، ويتعلق بمقال كتبته الشهر الماضي في خضم احتفالات البلاد بالأعياد الوطنية، تناول المظاهر السلبية التي تشهدها الاحتفالات، ولاسيما كرنفالات شارع الخليج وما تشهده من خروج عن هيبة المناسبة في شكل يفقد تلك الاحتفالات وطنيتها، في صورة رأى البعض أننا خالفنا التيار ومشينا عكسه وأننا نبالغ في تصوير الأمر بأنه فساد ولا علاقة له بالوطنية، حتى جاء تقرير وزارة التربية الذي نشرته «الراي» يوم السبت الأسبوع الماضي، ويحذر مما تشهده كرنفالات شارع الخليج من مظاهر جعلت «الكويت تتحوّل في الاحتفالات الوطنية إلى وكر للهو المراهقين من دول الخليج»، لتدق الوزارة أجراس الخطر لما يجري في تلك الاحتفالات من أحداث وصفها التقرير بـ «الخطيرة جدا التي ولّدت في أذهان الشباب، أنه ليس هناك حدود أو قيود في السلوك الأخلاقي» حتى رسخت لدى مراهقي دول الخليج، أن أيام الاحتفالات الوطنية في الكويت تزول فيها القيود بين الشباب والبنات، فتراهم يحرصون على الحضور للمشاركة في تلك الكرنفالات لهذا المغزى.

وخلص التقرير إلى أن «هذا لا يرتضيه أحد من المخلصين من أبناء هذا الوطن بأن يكون وكرا للهو المراهقين من دول الغير».

ولعل ما تقاطع به تقرير وزارة التربية مع ما كتبناه في المقال السابق هو «تغيير مفهوم الاحتفالات بالأعياد الوطنية» من خلال تعميق الانتماء الوطني والإحساس بقيمة المناسبة بفعاليات تشهدها مؤسسات الدولة من مدارس وجهات حكومية وأندية، وحتى استعراضات عسكرية، بعيدا عن الابتذال الذي يهدر قيمة الوطنية على شارع الخليج.

ما تناولناه في كلامنا السابق يؤكد أننا ـ ولله الحمد ـ نعبر عن هواجس وطنية حقيقية تمس واقع بلدنا وتتوخى خيره وسلامته، مع تقديرنا لكل النقد الذي يوجه لنا والذي يكون له دور في توجيه دفة قلمنا وتجويد ما ينتجه من معانٍ ومقاصد، مع التحية لكل من يبدي رأيه فيما نطرحه مؤيدا أو معارضا.