مجتمع » ظواهر اجتماعية

أسبوع إجازة لأصغر عريس سعودي.. الزواج المبكر قضية مجتمع

في 2016/04/07

محمود جبار - الخليج أونلاين-

ما تزال أخبار زواج القاصرين تلقى اهتماماً بين أوساط المجتمعات ووسائل الإعلام، وآخرها ما نشرته الصحافة السعودية، حول أصغر عريس بمنطقة تبوك، موثقة حفل زواجه بالصور.

العريس علي محمد القيسي، وهو طالب في الصف الثاني المتوسط (الصف الثامن) احتفل وسط حضور كثيف من أقاربه وأهالي المنطقة ومعلميه وزملائه بالمدرسة والفصل الدراسي. فيما أجّلت مدرسة العريس امتحاناته المقررة هذا الأسبوع، ومنحته إجازة أسبوعاً.

وقدم العريس علي القيسي نصيحته للشباب بالمسارعة في الزواج؛ لكونه يحفظ الشاب، ويكون باب خير ورزق له، كما أنه من السُنن النبوية.

وأثنى على مبادرة مدير مدرسته، الذي أجّل اختباراته، ومنحه إجازة أسبوعاً لحين إتمام مراسم زواجه.

ويختلف المجتمع في الرأي بين رافض ومؤيد لفكرة الزواج المبكر، لمن هم ما زالوا دون سن الثامنة عشرة، ففيما يدفع الخوف الآباء من انحراف أبنائهم إلى تزويجهم بسن مبكرة، يرى آخرون أن الزواج بسن صغيرة جريمة تقتلع براءة الأطفال.

المجتمعات العربية كانت قبل عقود قليلة تحرص على تزويج أبنائهم أول بلوغهم، بأعمار 13 و14 عاماً، والبنات في سن أقل من هذا، ولم يكن الأمر مستغرباً حينها.

اليوم، مع الانفتاح الهائل على الثقافات وما وصلت إليه المجتمعات من تطور حضري، بات الزواج المبكر بأعمار صغيرة مستهجناً لدى الغالبية، وهو ما يمكن تسميته بارتفاع نسبة رافضي فكرة الزواج المبكر قياساً بالمؤيديين.

الانفتاح هذا هو ما زاد من ثبات البعض من مؤيدي الزواج المبكر على مبدئهم، إذ يرون فيه مخاطر كثيرة للانحراف، تتسع هوتها يوماً بعد آخر.

دراسات عديدة تطرقت لفكرة الزواج المبكر، وأسبابها وأهميتها ونتائجها، وبرغم حصول مشاكل مختلفة نتيجة تطبيقها من قبل بعض المجتمعات، لكن الأخيرة تصر على أنها الأنسب والأفضل والأكثر صوناً لأبنائهم وبناتهم.

في قرية بالجنوب المصري وفي أثناء ذهابهما لأداء طقوس شعبية متعارف عليها، بزيارة قبر "أحد الصالحين" قبل الدخلة، التفت العريسان يميناً تجاه "المراجيح"، قرب الضريح، حيث كانا حتى نهار الأمس يلعبان هنا مع بقية أطفال القرية، بحسب أحد المشاركين بحفل الزفاف.

في الجانب الشرعي، اعتبر مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، زواج القاصرات دون سن الـ15 عاماً جائزاً ولا شيء فيه، مؤكداً في تصريحات صحفية سابقة، أنه لا توجد حتى الآن أي نية في بحث الموضوع.

جاء ذلك في ظل دراسات أكدت تسبب زواج القاصرات بأمراض نفسية واجتماعية وصحية.

في جانب آخر أظهرت دراسة سابقة، شملت عينة من طلبة الكليات الطبية باحدى الجامعات السعودية، وجود أهمية في الزواج المبكر، حيث بينت الدراسة أن نحو 88% من أعمار أفراد العينة، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12-17 سنة، بأن الجنس يشغل جل تفكيرهم، ولربما يؤدي ذلك إلى تدني تحصيلهم العلمي.

الشيء الأغرب التي أظهرته هذه الدراسة، أن هناك نسبة وصلت إلى 5% من أفراد العينة، بدؤوا في التفكير بالجنس قبل سن العاشرة، إذ إن وجه الغرابة في ذلك أن هذا هو سن البراءة، الذي يهتم فيه الأطفال باللعب فقط.

وعزت الدراسة ذلك إلى أن المسببات التي أدت إلى لفت انتباه الطفل للجنس في هذا السن المبكر إما بسبب ما يشاهده عبر وسائل الإعلام المفتوحة للطفل دون رقابة، أو أنه تعرض إلى التحرش الجنسي في هذا السن المبكر.

وبذلك توصي الدراسة بضرورة التفكير جدياً بتزويج المراهقين قبل حصول انحرافات جنسية لا طاقة للمجتمع بها.

على عكس تلك الدراسة؛ تؤكد دراسات وجود أضرار كبيرة ناتجة عن الزواج المبكر، منها أن الزوجين قد لا يكونان ناضجين بعد بالشكل الكافي لتحمل مسؤولية بناء أسرة وتربية أطفال، وتحمل الأعباء النفسية والاقتصادية المترتبة على ذلك.

أيضاً صغر سن الفتاة وجهلها بكيفية التعامل مع الزوج وعائلته ومجتمعه واتباع تقاليده وعاداته، أحد الأسباب التي تؤدي إلى مشاكل، وقد تنتهي إلى الطلاق، الذي يتسبب بمشاكل نفسية لدى الفتاة المطلقة.

كما أن الزواج المبكر للفتى يحيله إلى أن يكون ملبياً لأفكار الأكبر منه سناً، إذ ما زال لم يبلغ المستوى الفكري الذي يعينه في اتخاذ القرارات واستقلاله برأيه، وهو ما ينجم عنه مشاكل اجتماعية تؤدي في الكثير من الأحيان إلى الطلاق، أو التعامل بقسوة مع الزوجة.

وطبياً يرى مختصون أن الزواج المبكر قد يعرض الفتاة للعديد من المشاكل الصحية خلال الحمل؛ بسبب ضعف جسدها وعدم قدرته على تحمل تجربة الحمل في سن مبكرة.