سياسة وأمن » تصريحات

تعثر خطط الإصلاح الاقتصادي في الكويت قبيل الانتخابات

في 2016/11/09

الحكومات على إعادة التفكير في برامج الدعم السخية. ولكن إدارة توقعات النمو، ووجود عدد أكبر من المتعلمين، في الوقت الذي يتم فيه تقليص النفقات الحكومية على الخدمات التي ظلت موجودة لوقت طويل، ليس بالأمر السهل. وقد نفذت بعض الدول، مثل الكويت، المهمة بشكل أفضل من الآخرين. وبالرغم من ارتفاع عجز الموازنة لأرقام قياسية خلال العامين الماضيين، جمعت الكويت بين الثروة والإبداع لإصلاح نظام المساعدات الاجتماعية بطريقة مبتكرة. على الرغم من ذلك، فإنّ سكان البلاد غير ممتنين كثيرًا لإصلاحات العاصمة. وبوجود اتحادات عمالية قوية ورجال تشريع في جانبهم، قد يكون من الصعب على المواطنين أصحاب الشكوى التزام الصمت.

تحليل

في 31 أكتوبر/ تشرين الأول، ظهر تقرير بتكليف من وزارة المالية الكويتية ليكشف عن خطة لتقليص فاتورة الدعم في البلاد، والتي كانت تمثل 26% من ميزانية عامي 2014 و2015، لتصل إلى 0% بحلول عام 2020. (ثم نفت الوزارة وجود مثل تلك الخطة في اليوم التالي). وعلى الرغم من أنّ مثل هذا التخفيض الحاد من غير المرجح أن يحدث في الواقع، إلا أنّ حقيقة أنّ الوزارة تفكر في إمكانية ذلك، تؤكد على شدة المأزق الاقتصادي الذي تواجهه الكويت.

وبالرغم من صغر رقعتها الجغرافية وعدد سكانها، تعاني الكويت من وضع مالي متأزم، بسبب اعتمادها في جزء كبير من دخلها على عائدات النفط. وعلى الرغم من استنادها إلى احتياطي كبير نسبيًا من النفط، جمعت الكويت فقط 40.3 مليار دولار من عائدات النفط في السنة المالية 2015-2016، وهو الرقم الذي من المتوقع أن ينخفض في عام 2016-2017 إلى 33.7 مليار دولار. وتواجه الكويت بالفعل عجزًا في الموازنة بلغ 29 مليار دولار، ما يقارب ضعف العجز للسنة الماضية، وبدأت الكويت البحث باهتمام أكبر عن طرق لتقليص الإنفاق وزيادة الدخل.

ترشيد الإنفاق

ستكون نقطة الانطلاق الواضحة للحكومة الكويتية هي خفض الأجور والعلاوات وأتعاب الاستشاريين، والتي تشكل غالبية النفقات. ورغم ذلك، لن يكون خفض الأجور أمرًا سهلًا، حيث يعمل غالبية السكان بالقطاع العام، وتعدّ مرتبات الخدمة المدنية مرتفعة بسبب الدعم. وفي وقت سابق من هذا العام، منع عمال القطاع العام خفضًا في رواتبهم بعمل إضراب عن العمل، الأمر الذي أصبح نمطًا شائعًا في الكويت. وقد ركز المسؤولون الكويتيون بدلًا من ذلك على تقليص الخدمات الاجتماعية المدعومة.

ولكنَّ الدفع بإصلاحات الدعم عبر مجلس الأمة اليقظ سيكون أمرًا صعبًا. فنواب الكويت يميلون للاعتقاد بأنّ موارد الدولة يجب أن يتم توزيعها من قبل المسؤولين المنتخبين، وليس من قبل الحكام. وكونه أحد الكيانات المنتخبة الوحيدة في الخليج الذي يملك حق النقض على بعض قرارات الحكومة، يملك مجلس الأمة القدرة على إحباط جهود الإصلاح في الكويت، وهي القوة التي وعد المجلس باستخدامها. وبوجود مساحة ضيقة للمناورة، أصبحت الكويت هي آخر دول الخليج تخفيفًا للدعم الذي يغطي معظم مواطنيها، بما في ذلك دعم البترول والكهرباء.

مساعي الأمير غير المرغوب فيها

بعد مواجهة مقاومة شديدة للتدابير التي اقترحها، قام أمير الكويت الشيخ «صباح الأحمد الجابر الصباح» بحل مجلس الأمة يوم 16 أكتوبر/ تشرين الأول، ودعا إلى انتخابات جديدة. وقد اعتمد حاكم الكويت على هذا التكتيك مرات عديدة خلال الـ 10 سنوات الأخيرة عندما نمت اعتراضات البرلمان على سياسات حكومته بقوة. ورغم ذلك، فقد كررت محاكم البلاد والاتحادات العمالية والناخبون مطالبات النواب بإصلاح تدريجي، وهي المطالبات التي لن يستطيع الأمير تجاهلها.

ومع ذلك، فإن برنامج الدعم الحالي لا يمكن تحمله. فتكاليف المياه والكهرباء تمثل تقريبًا نصف فاتورة الدعم الواسعة، وبقية الدعم يذهب لمساعدات أخرى مثل الإسكان والطعام. وفي أغسطس/ آب، بدأت الحكومة في تنفيذ خطة تمّت الموافقة عليها في أبريل/ نيسان لتخفيض التكاليف، برفع أسعار الكهرباء والمياه بنسبة 83% على المقيمين الكويتيين. في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الوقود ما بين 40 إلى 80% تبعًا لنوع الوقود. ورغم محاولة الحكومة تخفيف تأثير الأمر على المواطنين بوعدهم بـ 75 لتر من البنزين لكل مواطن شهريًا، لم يحصل المغتربون على نفس المنحة، رغم أنّهم يشكلون 70% من سكان الكويت، وبهذا يمكن للإصلاحات أن تمنع العمال الأجانب من البحث عن وظائف في البلاد في المستقبل.

من غير المرجح أن يختفي الدعم الكويتي والإعانات تمامًا. وإذا أعطتنا المحاولات السابقة للحكومة للإصلاح أية مؤشر، فهو أنّ نجاح خطة تقليص الدعم لن يكون سهلًا لا الآن ولا بحلول عام 2020 كما تأمل الحكومة. لكن الإدارة تبدو واعية لذلك، وقد وضعت أهدافًا عالية للغاية لتصل مع التفاوضات والتنازلات للحد المقبول والمعقول من خفض الدعم على الوقود والبنزين. ومن الممكن أيضًا أن تؤخر الحكومة فرض ضرائب جديدة، على الرغم من أنّها لا تملك الكثير من الخيارات إلا أن تمرر ضريبة القيمة المضافة التي اعتمدها مجلس التعاون الخليجي ويتوقع تطبيقها بحلول بدايات عام 2018.

وفي كلتا الحالتين، أصبحت القضايا الاقتصادية، بما في ذلك تضخم الأجور والدعم، قضايا ساخنة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية الكويتية والمقرر لها 26 نوفمبر/ تشرين الثاني. وما يثير الاهتمام أكثر أن مجموعة من أحزاب المعارضة ستشارك في الانتخابات للمرة الأولى منذ عدة سنوات. وإذا حصلوا على مقاعد في الانتخابات، سيكون من المرجح أن تواجه اقتراحات الأمير حواجز أصعب في المستقبل. وعلى الرغم من أنّ «الصباح» يستطيع سنّ أية تشريعات للإصلاح في الوقت الذي يخلو فيه المجلس، فإنّ شبح الطعون القضائية والاضطرابات الشعبية بعد انتخاب البرلمان القادم ستجعله، بلا شك، يتعامل بحذر في قادم الأسابيع.

ستراتفور- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-