ح.سلفية » داعش

الإرهابيون.. سلاحهم التوحش وسفك الدماء.. وسلاحنا الدين والاعتدال والوحدة وحب الأرض

في 2015/08/15

الرياض- دخل العالم العربي في الجنون الذي سيقضي على ثوابت وتراث وحضارة وقيم وأخلاق الاسلام والعرب. قفزوا على دين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأبو ذَر الغفاري وعمر بن عبدالعزيز. هم بهذا المسلك منحدرون بالامة الى فوضى القتل والدمار وإدخال الأمة في التيه التاريخي. المشكلة أن الصوت الواعي المعتدل والمستنير غائب تماماً! لماذا؟! إما بفعل الخوف أو بفعل اليأس! وهنا الكارثة! ليست هذه الأمة مستنقعا للأوباء والاحقاد والسلوك الإقصائي المشين والتفرقة بين بني البشر وتصنيفهم تصنيفات عدائية ينتج عنها التعفن والرجعية حتى نصل الى حالة من عدم استخدام العقل بشكل نهائي!

سلاحهم التوحش، وزرع الخوف، وسفك الدماء، والقتل الممنهج.. سلاحنا الدين، والهوية الوطنية، والاعتدال، والوحدة، والمواطنة، وحب الارض، والتمسك بالجغرافيا التي وحدها عبدالعزيز بن عبدالرحمن. لن نستطيع حل المشكلة دون التعمق في الاسباب التي خلقتها. ولماذا تفاقمت المشكلة دون إيجاد حل بعيد المدى يضمن أمن وأمان وطننا. أجد ان الحقيقة المؤلمة أنهم صناعة إهمالنا! إهمال مجتمعنا ومؤسساته. صناعة تساهلنا مع أفكارهم الاقصائية والسادية والمتطرفة فكرياً، وعقلياً، وعقائدياً. دينهم لا نعرفه! والدولة التي يحلمون في إنشائها ليست دولتنا. وهي لا تشبه أي دولة نشأت في تاريخ العالم الاسلامي العربي!

يجب أولاً أن نتفق جميعاً أن المملكة تمر بأخطر التحديات الأمنية، وأشرس الاستهدافات التي تسعى الى تمزيق وحدتها وتفكيك نسيجها الاجتماعي واستلاب عقول شبابها بفصله عن مواطنته والاعتزاز بتاريخه وقيمه ونظامه السياسي، وأخذه بعيداً الى أفكار ليست متطرفة فحسب بل وحشية عدائية لكل مكتسب تنموي، اقتصادي أو ثقافي أو فكري. وتجنيد الشباب السعودي ليكون وقوداً للارهاب والتوحش والعنف في كل مكان حتى للأسف أصبح لنا في كل عرس قرص، فلا يقوم إرهابيون بعمل وحشي، أو يقبض على خلية تدميرية الا ويتضمنها سعوديون. والمفجع أنهم شباب تتراوح أعمارهم بين ١٧-٢٧ سنة!

هذا يتطلب منا عملاً جباراً ومتواصلاً ومضنياً لمواجهة هذه السرطانات التي أصبحت تنبت في جسم المجتمع والجغرافيا السعودية. وتهدد الموروث التاريخي والمنتج التنموي والمنجز الحضاري. لقد استهدف شبابنا طيلة أكثر من ثلاثة عقود من الزمن بغسل أدمغتهم عبر وسائل متعددة وحشو عقولهم بالفكر التكفيري الذي يستهدف النظام السياسي والإنسان، وتُركوا للأسف ضحية فئة وجدت المجال مفتوحاً لممارسة شتى أنواع العبث بعقول الشباب. وكانت النتيجة الأولى حركة "جهيمان" التي قضينا عليها ولكن لم نتجه الى القضاء على فكرها ومنابع هذا الفكر.

من هنا فإن المطلوب عمل منهجي يستهدف النشء ويصحح مفاهيمه ويكرس في داخله فضيلة الانتماء للوطن والقيم والاخلاق ومفاهيم التسامح وقبول الآخر والتعاون من أجل سعادة ونمو البشرية، وأمن الإنسان. لقد وصل شبابنا الى منحدر مخيف من التكهف والسواد النفسي والتوحش في السلوك والممارسة بحيث أصبح لزاماً علينا إتخاذ شجاعة المواجهة ولو كلف ذلك كثيرا فالوطن قيمة، والانسان بدون وطن هو كائن تائه غير ذي هوية.

واجبنا الوطني يملي علينا أن نحارب هذه السموم بكل قدراتنا وطاقتنا. كلنا جنود لهذه الارض التي أعطتنا أكثر مما نستحق. فلنكن جديرين بما كافح ومات من أجله أجدادنا. ندافع بكل قوتنا عن هذا الكيان الشامخ. لو نستعيد الذاكرة وقراءة تاريخ المملكة الاقتصادي، والمعيشي، والاجتماعي نجد أن حياة هذه الارض كانت صعبة بل قاسية ومليئة بالكفاح الذي للاسف تغير معناه في مجتمع اليوم. المطلوب ليس أن نحمل السلاح ونتحدث معهم بلغتهم الدخيلة على إرثنا فهذا من شأن جهات الدولة المختصة التي تضحي بارواحها لحمايتنا. المطلوب أن نكون عونناً لهم من خلال سلوكنا وعدم سكوتنا عن الغلط ومواجهة الفكر المتخلف عبر الحوار والاحتواء والبرامج الهادفة لنعيدهم الى مفاهيم المواطنة والانتماء للوطن وإشغال أوقاتهم بما يقربهم من تحصين الوطن، وينمي مفاهيم الانتماء الوطني.

تصرفاتهم وأساليب غسل أدمغة شبابنا لم تعد تحصل في المخفي في أوكارهم الخاصة بل أصبحت تحدث بشكل واسع وعلني على شبكات التواصل الاجتماعي أمام أعيننا ونحن نتفرج بصمت وبعدها ننتقدهم في رسائل الواتساب أيضاً بتحفظ وخوف! لماذا؟! من جعلهم الاوصياء على ديننا؟! من أعطاهم الصلاحية للمتاجرة بشابنا بإسم الدين؟!

لعل التنظير وقوننة الخطوات في المهام التي تنتظرنا لايفيد بقدر ما يفيد العمل وتجلياته واكتشاف الواقع عن قرب. علينا العمل على مباشرتها كفعل طويل المدى ينقي عقول الشباب والأجيال من سواد الأفكار الهدامة والمتوحشة وتمارس مفاهيم الإسلام كدين تسامح ورحمة ومحبة وحوار بين الأديان السماوية الأخرى.

علينا التركيز كثيراً على الأحياء الفقيرة إذ أن بعض شبابها ينقصهم الوعي والثقافة لهذا فهم صيد سهل للتجنيد والإغواء كما يتم التركيز على بيئتهم الأسرية ومناشطهم اليومية، وأماكن الوعظ فيها. والى ذلك التركيز على جامعاتنا الدينية بالتعاون الجاد والوثيق مع وزارة التعليم، إذ لا ننكر أن بعضها أصبحت محاضن لهذا الفكر وانتاج التطرف. لابد من سياسية تعليمية جديدة وكفى الترقيع في سياسية التعليم! لابد من تعليم يأخذ في الاعتبار جميع سلبيات التعليم الحالي والمصائب التي نتجت عنه. تعليم يعزز الثقة ويقوي الطموح ويخلق الابداع ويبني المواطنه الصحيحة ولنترك التربية الدينية مهمة الاهل والبيت. قال الرسول صلى عليه الله وسلم (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ). التربية الدينية هذه مهمة الاهل ويبقى دور المدرسة تهذيب هذه التربية وتطوير السلوك الاخلاقي بمناهج للسلوك والاخلاق والتعامل لان الدين سلوك وتعامل.

لأننا نتوجه الى فئة عمرية معينة فهذا يتطلب منا مخاطبتها بإسلوب توعوي يحمل البساطة والإقناع، واستقطاب كافة وسائل الاعلام المكتوب والمرئي والمسموع لنشر الرسالة وإيصال رسالتها وتكثيف المادة الاعلامية الهادفة لتصحيح مفاهيم الشباب الخاطئة. ليس هذا فقط ولكن توفير مناشط وطنية للشباب، ومعسكرات خدماتية، وإقامة ملاعب رياضية، وصالات مسرحية وترفيهية وسينمائية، وانخراطهم في أعمال تطوعية اجتماعية كل ذلك وغيره يعيدهم الى مفاهيم المواطنة والانتماء للوطن. وإشغال أوقاتهم بما يقربهم من تحصين الوطن، وينمي مفاهيم الإنتماء الوطني.