اقتصاد » اسكان ومصارف

الإسكان.. أعطني (فكراً) أعطك سكناً!!

في 2015/11/10

سيف الرويبعي- اليوم السعودية-

لو سألني معالي وزير الاسكان سؤالاً (فكرياً)، يا مواطن ما حلمك السرمدي في هذه الحياة الفانية؟ سأجيبه بتلقائية (قادحاً من فكري)، حلمي يا معاليكم هو امتلاك قطعة أرض على هذه البسيطة، ومعها قرض عقاري مجز، لأنجو من قائمة انتظار سنين طويلة، فيكون بمقدوري بناء منزل العمر قبل بلوغي الستين، لأهرب بجلدي من جحيم الإيجار والتشتت، فالمنزل ضرورة ملّحة لاستقراري النفسي وأماني الاسري، ولن اتوسع معاليكم في (فكري)، ستجدني قانعا بمساحة أرضي الـ500 متر مربع أو أقل، وسأكون متسامحا فلن اشترط على وزارتكم، موقعاً راقياً ضمن مخطط مطور مكتمل الخدمات، ولن تكون من اهتماماتي واجهتها ولا حتى عرض شارعها وزاويتها، واسمح لي يا معاليكم أتمدد قليلا في (فكري) داخل فِلّتي، فأتمنى على مُصممها أن يوفر منها شقة (مسروقة) بتعبير العقاريين، لتكون استثمارا مؤقتا حتى تتحول فيما بعد لشقة زوجية (ليست لي) لأحد أبنائي، هذا ملخص (فكري) معاليكم ومنتهى طموحي الدنيوي، وبالمناسبة (فكري) صورة طبق الأصل (لفكر) جيل كامل، تبددت أحلامه وهو يكابد الواقع المصطنع، فهل نمى لعلم معاليكم أن سعر التراب تجاوز سعر الذهب، والفلل الصغيرة والمستخدمة دخلت نادي المليون وأكثر، بسبب وضعية احتكارية لسوق عقاري خارج السيطرة، فـ75% من المواطنين يائسون من حصولهم على أهم مقوم اساسي في حياتهم، اشكالية عقارية تتراكم ولا بوادر لحلول في المنظور القريب، أبقت المواطن البسيط تحت رحمة الإقطاعيين، في سوق لا يحكمه عرف ولا قانون، فأي (فكر) يطالبني به معاليكم، وجشع هؤلاء تسبب في شَلَلِه، فالسنون تمر والمواطن بين سندان سوق عقاري متضخم بدون ضوابط، ومطرقة وزارة لم تمنحني شيئاً وتخلت عن حمايتي!.

كانت حركتنا السكنية محصورة في خيار واحد ارض وقرض، ورغم الانتظار الطويل الا انك تلحظ حراكا سكنيا هنا وهناك، بعكس انتاجية وزارة اسكان اُستُحدِثت، مهمتها توفير مسكن لكل مواطن، إلا أنها في المحك العملي أخفقت في مهمة إنهاء الوضع الاسكاني المتأزم، فمنذ 5 سنوات وأكثر والوزارة تملي شروطها على المواطن وتفرض طلباتها، وتعدل وتبدل والمواطن فقط ينفذ ويترقب تباشير وزارة ما زالت تراوح مكانها، ألهتنا بأسطوانة الخطط والاستراتيجيات والدراسات والأخذ والرد حول المنتج السكني، حتى احاطتنا بدوامة احباط مستمر، فوزير يذهب وآخر يأتي يعدنا بعد 100 يوم بالحلول، وتتوقع حركة انقاذ لانتشال المواطن من معاناته، فإذا هو يعود صفر اليدين ثم لا يجد مخرجا لتبرير عجز وزارته عن ايجاد الحلول الا بإلقاء اللائمة على المواطن، ليتضح للمواطن بجلاء أن الجهة التي ينتظر منها الفرج تائهة عن الهدف فإنجاز العملية الاسكانية متعثر، وبلا آلية واضحة ومقنعة تتجه نحو الحلول مباشرة!!

تمنينا لو أن العملية (التثقيفية والفكرية) للوزير، سبقها استشعار لحالة المواطن المكتوِي بنار الإيجارات، والمنغمس في القروض من أجل إيواء اسرته، ثم تتبنى وزارته قرارات مفصلية وجهودا إصلاحية حقيقية تختصر المشوار، فتزيل المعوقات وترسم في ذهنية المواطن صورة استنفار جاد للحلول والمعالجة الرصينة، تبدأها بمبادرات واقعية تؤسس لسوق عقاري تنافسي، يلمس حقيقتها المواطن ويشارك في صناعتها، ولن يتحقق ذلك الا بغربلة سوق العقار، فتفرض الرسوم على الأراضي البيضاء المطورة وغير المطورة، وتسن قوانين تكسر الممارسات الاحتكارية وتمنع عمليات البيع الوهمية، فالوقت يمضي وكرة الثلج تكبر والوضع لا يحتمل مزيدا من التأخير، فالمرحلة تحتاج لجهد مخلص وعمل مؤسسي واضح الرؤية والمعالم، يسهم بحل أزمة سكن تحيطه تراكمات بيروقراطية، ولاشك أن ملف الاسكان يواجه مشاكل وتعقيدات كثيرة، ويحتاج فقط إرادة قوية وإدارة جادة وحازمة لتفعيل حلولها الإصلاحية!!