اقتصاد » اسكان ومصارف

بنك الأفكار

في 2015/11/10

د. إحسان بوحليقة- اليوم السعودية-

تُعَرّف "ويكيبيديا" «بنك الأفكار» بأنه موقع ويب ينشر الأشخاصُ فيه أفكارًا جديدة ويتبادلونها ويناقشونها وينقحونها. وتضيف "تستخدم بعض بنوك الأفكار بغرض تطوير اختراعات أو تقنيات جديدة. فتجد العديد من الشركات تثبت بنك أفكار داخليًا لجمع مدخلات من موظفيها وتحسين عملية التفكرّ. وتوظف بعض بنوك الأفكار نظام تصويت لتقدير قيمة فكرة. ومن الممكن أن تكون بعض بنوك الأفكار في بعض الأحيان للفكاهة أكثر من نظيراتها الجادة. وتبقى النظرية الأساسية لبنك الأفكار هي أنه إذا اجتمع عدد كبير من الأشخاص للتعاون في مشروع أو لتطوير فكرة ما، فإن هذا المشروع أو تلك الفكرة سيلقى الرضا في أعين من قاموا بالعمل من أجله".

قبل نحو أربع سنوات نشرت صحيفة اليوم مقالاً للأستاذ عدنان النعيم بعنوان "بنك الأفكار والمبادرات التنموية"، بين فيه أن كثيرا من الأطروحات والأفكار والمبادرات والانتقادات التي تهم المجتمع هنا وهناك، ومنها ما يؤخذ على محمل الجد ومنها من لا يجد اهتماما، وأن التقنية وجدت حلا لذلك بابتكار بنك الأفكار والمبادرات، وهو عبارة عن موقع الكتروني يدعو الجميع الى تسجيل المبادرات والأفكار للمواضيع والقضايا التنموية للدولة. وقبل نحو ثلاث سنوات اقترح د.عبدالمحسن الداوود، في مقالة له في صحيفة الرياض، إقامة بنك للأفكار بين برنامج "بادر" التابع لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتنمية وبين "هدف" صندوق تنمية الموارد البشرية. وينطلق مقترح د. الداوود من أن ما ينقصنا لتحقيق التنسيق والتكامل بين البرنامجين (بادر وهدف) وغيرهما من البرامج الهادفة لخدمة شباب الوطن هو توفير دليل للأفكار القابلة للتنفيذ تحت مسمى (بنك الأفكار)، يحوي معلومات وإرشادات عن كيفية تنفيذها، وتكون متوفرة للشباب السعودي، ليتولى بعد ذلك (بادر) دعمها فنيا وتقنيا، ويتولى (هدف) دعمها ماليا. ويبين د. الداوود أنه ليصبح مقترح "بنك الأفكار" فاعلًا وقابلًا للتنفيذ فعلينا المواءمة بين الخطط وبرامج حقيقية قابلة للتنفيذ. وبرر مقترحه بأننا (في المملكة) لسنا بحاجة للمال فقط، ولكننا أحوج ما نكون لرأسمال فكريّ يُبدع ويُنتج، ويُضيف د. الداوود ان علينا ألا ننتظر حتى تأتي الفكرة بل لابد أن نبادر في تأسيس بنك الأفكار، وأردف ان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في استجلاب الأفكار وتنقيحها سيضع بين أيدينا -خلال فترة قصيرة- بنكاً متنوعاً من الأفكار التي يمكن استثمار الكثير منها لخدمة تنمية المجتمع.

وبعض مبادرات "بنك الأفكار" حكومية، فمثلاً تعتبر محافظة القاهرة بنك الأفكار نقطة الاتصال بين المحافظة وأصحاب الأفكار في جميع المجالات لإتاحة الفرصة أمام المواطنين والمؤسسات للمشاركة في مشروعات تخص المحافظة للنهوض بمستقبل مصر، من خلال إدخال أفكارهم على الموقع وشرحها بالتفصيل وتحميل أي مرفقات للفكرة، وأيضاً شرح كيفية تنفيذها، وتقوم المحافظة بتحويل الأفكار للجهات المختصة ووضع إطار للتواصل مع صاحب الفكرة.

وفي المملكة، تحاول العديد من الجهات بناء "بنك الأفكار"، فمثلاً يوجد بنك للأفكار لدى مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز لخدمة اللغة العربية، وآخر في كلية التربية في جامعة الملك سعود، حيث قدمت عميدة مركز الدراسات الجامعية للبنات د.نورة آل الشيخ بالقول: "إن أعظم الانجازات ولدت من افكار صغيرة، وحتى تكوني من فرسان التطوير لهذا الصرح العظيم لا تتردي وشاركينا بمقترحاتكِ وبأفكاركِ وباحتياجاتكِ في جميع المجالات وذلك بطرحها عبر نموذج "بنك الأفكار"، وتأكدي أن أفكاركِ موضع اهتمامنا"، كما أن لدى الصندوق الخيري الاجتماعي صفحة على موقعه على الانترنت تسمى "بنك الأفكار".

من الصعب الحكم على مدى فاعلية إنشاء بنك عام للأفكار، يأتي من يريد لـ"يرمي" فكرته فيه ويمشي! لكن عند التمعن في الهدف نجد أن الأفكار تثير صخباً في البداية ثم ما تلبث أن تنسى لسبب أو لآخر، بعض الأفكار الأصيلة يؤمن بها أصحابها فيحولونها إلى براءات اختراع، وبعض المفكرين يلقون أفكارهم في وسائل التواصل الاجتماعي والصحف وورش العمل والمقاهي و"الاستراحات"، في حين أن منها ما يمكن أن يساهم في التنمية الاجتماعية والازدهار الاقتصادي.

قضينا أزماناً نتحدث عن الفكرة والفكر والأفكار، واتضح أن دعوات كثيرة طُرحت محلياً للاستفادة مما يساق من مقترحات، بأن تودع في بنك أفكار لفحصها وتطوير الصالح منها تمهيداً لإنجاز القابل منها للتنفيذ، عَرضت لبعضها هنا. وبما أننا دولة نامية تسعى لتحقيق تنمية مستدامة تُسعد –بإذن الله- الأجيال الحاضرة والمستقبلية، فمفيد إيجاد آلية جادة وشاملة وقادرة لتلقي الأفكار وفرزها بمهنية من قبل فريق متمكن، والسعي لتطويرها إبداعاً وابتكاراً، وقيدها –إن لزم الأمر-كبراءات اختراع، والسعي حثيثاً لتنفيذ الصالح منها. معظم مواطنينا شباب، تمتلك شريحة واسعة منهم ومنهن فكرا وقادا وحرصا ومحبة وولاء للوطن الغالي، فلنحفز كل سعودي ساع للخير أن نوجد البنية التحتية الحاضنة للفكر النيّرّ بما ينعكس خيراً على وطننا وأمتنا والإنسانية.