اقتصاد » اسكان ومصارف

نعم (فكر) يا معالي الوزير

في 2015/11/10

سجدي الروقي- اليوم السعودية-

لا شك أن مشكلة الإسكان مشكلة عتيقة أثقلت الهم على الوزارة الوليدة، وهي تراكمات من الأخطاء فى التخطيط والتنفيذ والمنح وقروض الصندوق وهيمنة تجار العقار واكبها عدم تثقيف للمواطن من بداية ثورة البناء والتعمير فى بداية السبعينيات الميلادية مع بداية لإنشاء صندوق التنمية العقاري، الذي أعطى بسخاء لكل متقدم وفى خلال أسبوع واحد "وامتد فيما بعد لخمسة عشر عاماً" من هنا بداية المشكلة فمليارات الريالات أهدرت فى القرى والهجر وبناء وحدات سكنية خارجة عن حاجة القرية والهجرة لهذا الكم الهائل من الوحدات، وهى الآن خاوية على عروشها بعد أن هجرها أصحابها وتركوها بحثاً عن بنية تحتية أفضل وفرص تعليم وعلاج أجود وتوقف أصحابها عن تسديد أقساط الصندوق لعدم فائدتهم ومعدومية الاستثمار فى قراهم! مما تسبب فى قلة موارد الصندوق الذي كان من المفترض أن يغذي نفسه بنفسه، ولهذا تراكمت الطلبات وقلت الموارد وطال الوقت وكبرت كرة الثلج المتدحرجة وواكب ذلك ركود فى الإنشاء وزادت أعداد الطلبات ووصلنا الى ما وصلنا اليه.

فى المدن الرئيسية أيضاً كان هناك مبالغة فى البناء من حيث المساحة واعداد الادوار وفى المقابل تمخضت عقلية المستثمر إلى بناء وحدات تشابه أبراج الحمام للاستفادة من كل متر مربع للاستثمار، الآن اصحاب الفلل والقصور الكبيرة وجدوا أنفسهم وسط غابة من الاعمدة والغرف المغلقة بعد أن استقل الأبناء وتزوجت البنات وبقي العميد وزوجته يصارعان التهاب المفاصل، فالغالبية تركوها هاربين الى «الدبلكسات» والشقق طمعاً فى توفير للطاقة والنظافة، أما أصحاب شقق الاستثمار فقد أصبحت مطلبا للعمالة ولا تصلح الا لهم لعدم صلاحيتها لخصوصية الاسرة السعودية ومتطلباتها!

كان من المفترض "لو أن الحديث عن الماضي نقصان بالعقل" أن تتولى الطفرة والصندوق شركات متخصصة ويستفاد من تجارب الغير ويصرف القرض حسب احتياجات الاسرة ومستقبلهم، يواكبه حملة إعلامية وتثقيفية لكيفية البناء والنسب المطلوبة للبناء ففي تلك الفترة بنيت "قلاع" و"حصون" بفضل الكم الهائل من الحديد والخرسانة والبلك، كانت ثقافة البناء أيضا معدومة مما استهلك كما هائلا من الحديد والاسمنت، دون حاجة الى ذلك!

معالي وزير الإسكان الشاب المتحمس فى ملتقى "أسبار" قال (إن مشكلة الإسكان مشكلة فكر) ونحن معه أنها مشكلة فكر وتراكمات وثقافة وسوء تخطيط وإدارة، ولكن المواطن البسيط والشريحة الأكبر من أربعة ملايين مواطن وعاجز وارملة ومطلقة يريدون الحلول والبشاير والعمل.