دول » السعودية

اليورانيوم في السعودية.. ماذا يعني امتلاكه واستخدامه تجارياً؟

في 2022/01/14

متابعات-

في ظل تزايد الطلب على الطاقة الكهربائية في السعودية، وسعيها إلى استخدام بدائل جديدة تخفف من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بدأت المملكة بالحديث عن اليورانيوم الذي تمتلك منه كميات كبيرة غير مستخرجة.

وبكل وضوح أظهرت السعودية أنها تمتلك كميات كبيرة من اليورانيوم، وتسعى لاستغلالها تجارياً بالشكل الأمثل، لزيادة توفر ضمان إضافي لإنتاج الماء والكهرباء في بلادها، وتعزيز صناعة الطاقة في المملكة، وتوفير فرص وظيفية وتنمية قطاعي الصناعة والاستثمار.

وتسعى السعودية لإنتاج الوقود النووي، عبر تأهيل علماء محليين في عملية استكشاف وإنتاج اليورانيوم، وتوظيف الخبرات في هذا المجال لتطوير موارد المملكة الطبيعية من اليورانيوم لاكتساب تقنية جديدة في استخلاص الكميات المتوفرة لديها.

وبدأت المملكة في أولى خطواتها في مجال الطاقة النووية والاعتماد على اليورانيوم حين أعلنت، عام 2019، أن برنامجها للطاقة النووية سيبدأ بمفاعلين يبلغ مجموعهما 3-4 غيغاواط، وستقوم لاحقاً بتقييم احتمال توسيع قطاع الطاقة النووية لديها، بناء على احتياجاتها.

وتؤكد السعودية عزمها الاحتفاظ بحقها في تخصيب اليورانيوم كجزء من برنامجها للطاقة النووية؛ حيث تخطط لاستخراج اليورانيوم المحلي من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الوقود النووي.

ولدى المملكة، وفق ما تؤكده مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، برنامج لتدريب وتطوير القدرات البشرية، وتوطين تقنيات إنتاج أكسيد اليورانيوم، وبرنامج الاستكشاف والتنقيب عن خامات اليورانيوم والثوريوم في المملكة.

تأكيد رسمي

جاء آخر تصريح رسمي سعودي حول وجود اليورانيوم لديها، على لسان وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، حين أكد أن بلاده تمتلك كميات كبيرة من اليورانيوم، وأنها تسعى لاستغلالها تجارياً بالشكل الأمثل.

وخلال كلمة الوزير السعودي في مؤتمر التعدين الدولي المُنعقد بالرياض، بين أن المملكة سوف تتعامل مع احتياطيات اليورانيوم بكل شفافية، وأنها بصدد البحث عن الشركاء المناسبين.

وشدد على أن عملية تحول الطاقة يجب أن تخضع لاعتبارات دقيقة وليس للعلاقات العامة، ويجب ألا تتخلى بلاده عن أمن الطاقة من أجل التحول، وفق تعبيره.

ويوجد لدى السعودية، حسب "بن سلمان"، جدية في إنتاج الهيدروجين، حيث ستكون أرخص منتج لطاقة الهيدروجين النظيفة.

وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية قد ذكرت، في تقرير نشرته في سبتمبر 2020، أن السعودية ستكون قادرة على إنتاج أكثر من 90 ألف طن من اليورانيوم من ثلاثة "رواسب رئيسية" في وسط وشمال غرب المملكة.

واليورانيوم معدن يمكن العثور عليه في الصخور في جميع أنحاء العالم، ويحتوي على العديد من النظائر الطبيعية المنشأ، وهي أشكال من عنصرٍ ما تختلف في كتلتها وخواصها الفيزيائية، ولكن لها الخصائص الكيميائية ذاتها.

ولليورانيوم نظيران بدائيان هما: "اليورانيوم-238" و"اليورانيوم-235".

ويشكِّل اليورانيوم-238 غالبية اليورانيوم في العالم، ولكن لا يمكنه أن ينتج تفاعلاً انشطارياً متسلسلاً، فيما يمكن استخدام "اليورانيوم-235" لإنتاج الطاقة عن طريق الانشطار، بَيْدَ أنه يشكِّل أقلّ من 1% من اليورانيوم الموجود في العالم.

ولجعل اليورانيوم الطبيعي أكثر قدرةً على الانشطار، من الضروري زيادة كمية "اليورانيوم-235"، في عينة معينة من خلال عملية تُعرف بإثراء اليورانيوم، وبمجرد إثراء اليورانيوم، يمكن استخدامه بشكل فعال كوقود نووي في محطات القوى لمدة ثلاث سنوات إلى خمس.

الكميات المتوفرة

وحول كميات اليورانيوم التي تمتلكها السعودية، يؤكد الخبير في شؤون الطاقة، عامر الشوبكي، أنه يمكن للمملكة الاستفادة من تلك الكميات لتطوير برنامجها للطاقة الذرية، من خلال عقدها شراكات مع دول مختلفة مختصة في هذا المجال.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يوضح الشوبكي أن هناك كميات متوفرة لدى السعودية من اليورانيوم، ويمكن للمملكة استخدامها بشكل تجاري، وتقليل اعتمادها على الموارد الهيدروكربونية".

وسيتيح استخدام كميات اليورانيوم المتوفرة لدى السعودية، حسب الشوبكي، تنويع مصادر دخلها، وزيادة صادراتها من النفط، وتوفير الكميات التي كانت تستهلكها من الطاقة الهيدروكربونية محلياً.

السعودية، وكما يوضح الشوبكي، تسعى دائماً للاستفادة من كميات اليورانيوم الموجودة لديها، خاصة بعد ارتفاع أسعاره عالمياً، حيث من الممكن أن تصبح مصدرة له، للدول التي تمتلك مفاعلات نووية، لاستخدامه بها.

ويتوقع الشوبكي أن ترتفع أسعاره خلال العام الحالي، خاصة مع وجود نقاش في الاتحاد الأوروبي لاعتبار المفاعلات النووية من الطاقة النظيفة، وجزء انتقالي مع الغاز الطبيعي للوصول للطاقة البديلة.

ويعتقد أنه يمكن للسعودية "الاستفادة من تعدين اليورانيوم في استخدام الاقتصاد الدائري".

وستعمل السعودية، وفق الباحث في مجال الطاقة، على استقدام الشركات العالمية المختصة في تعدين اليورانيوم للاستثمار به، خاصة مع وجود جدوى اقتصادية له.

وإلى جانب حديث الشوبكي، سبق أن أكد البرفيسور كيب جيفري، مدير مدرسة كامبورن للمناجم في جامعة إكستر البريطانية، وفق ما نقلته صحيفة "الغارديان" البريطانية في (سبتمبر 2020)، أن مخازن اليورانيوم الموجودة في باطن الأرض في السعودية، في حالة لا توجد طريقة لمعرفة إمكانية هذا، فإن حجمها الحقيقي سيكون زائداً عن حاجة مفاعل نووي أو مفاعلات".

وحسب "الغارديان" إذا تمكنت السعودية من استخراج ما يكفي من اليورانيوم محلياً فإنها بدلاً من أن تعتمد على أطراف أجنبية يمكن أن تشرع يوماً ما في برنامج أسلحة خاص بها، بحسب الخبراء الذين تحدثوا للصحيفة.

حاجة السعودية إلى الطاقة

يذكر أن قطاع الطاقة في السعودية يواجه العديد من التحديات، يأتي في مقدمتها الزيادة المطّردة في استهلاك الوقود الأحفوري، الناتج عن نمو الطلب المتزايد على الطاقة في القطاع الصناعي والسكني.

وتؤكد الإحصاءات والدراسات الحديثة أن ثمة معدلات مرتفعة محلياً لاستهلاك الطاقة، حيث من المتوقع أن يتجاوز ذروة الطلب على الكهرباء بوتيرته الحالية 120 غيغاوات، وتصل تحلية المياه إلى 7 ملايين متر مكعب يومياً بحلول عام 2030.

ويتطلب واقع التنمية المستقبلية في المملكة، حسب تأكيدات مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، بناء قطاع للطاقة البديلة، لضمان استقرار مزيج الطاقة في المملكة والوفاء باحتياجاتها من الطاقة، لإنتاج الكهرباء والمياه المحلاة والطاقة الحرارية للعمليات الصناعية، بشكل فعّال وبثقة عالية.

وستسهم تلك الكميات الجديدة من الطاقة التي ستكون من اليورانيوم، في نجاح عملية التنمية الاقتصادية المستدامة الشاملة، التي تتواكب مع المتطلبات التي تفرضها رؤية المملكة 2030، والتأثير بشكل إيجابي على صناعة الطاقة في المملكة، مما يؤدي إلى خلق فرص العمل والتنمية في قطاع الطاقة والاستثمار.