سياسة وأمن » حروب

مر عام على اندلاعها.. كيف يبدو الموقف الخليجي من حرب السودان؟

في 2024/04/17

كمال صالح - الخليج أونلاين- 

عام مضى على اندلاع شرارة الحرب المنسية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وهي الحرب التي خلفت قرابة 15 ألف قتيل وأضعافهم من الجرحى، وملايين النازحين.

وباستثناء مفاوضات جدة، فإن الحرب السودانية شهدت حالة من الجمود في ملف الوساطة، وترك السودانيون لمواجهة مصير المجاعة والنزوح، والموت في مواقع النزاع.

وتعتبر مفاوضات جدة أقرب نقطة التقى فيها طرفا النزاع السوداني برعاية سعودية أمريكية، وبالرغم من فشلها في وضع حد للحرب طوال جولاتها فإنها لا تزال مستمرة.

الموقف الميداني

وشهدت الأشهر الثلاثة الماضية تحولاً ميدانياً لصالح قوات الجيش السوداني، الذي نجح في استعادة عديد من المناطق في السودان، منها ولاية الجزيرة، وكذلك الخرطوم، ومناطق أخرى.

واستولى الجيش السوداني، منتصف مارس الماضي، على مقر الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون في أم درمان، وحقق تقدماً في مواقع أخرى، مقابل تراجع واضح لقوات الدعم السريع.

وتسببت الحرب في مقتل وإصابة عشرات الآلاف، ونزوح الملايين، إضافة إلى أن قرابة 25 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وفق بيانات الأمم المتحدة.

حضور خليجي

ولدول الخليج حضور في المساعي المبذولة لحلحلة أزمة السودان، ومحاولات معالجة تداعيات هذه الكارثة الإنسانية، وفي هذا السياق وظف العديد من هذه الدول دبلوماسيتها لتحقيق هذا الغرض.

وتشارك قطر والسعودية والإمارات في مؤتمر باريس بشأن السودان، الذي انعقد يوم الاثنين، بهدف الحيلولة دون استمرار الصراع الذي تسبب بكارثة إنسانية غير مسبوقة.

وقالت وزيرة الدولة للتعاون الدولي القطرية لولوة الخاطر، في كلمتها خلال المؤتمر، إن الحل للأزمة السودانية لن يكون من خلال استدامة الوضع الحالي تحت أي ذريعة والاكتفاء بدعم اللاجئين في دول الجوار للسودان.

كما رحبت دول الخليج باعتماد مجلس الأمن الدولي قراراً يدعو لوقف فوري للقتال في السودان خلال شهر رمضان، متمنية أن يكون أرضية لحل مستدام لهذه الحرب.

السعودية

وفي خضم هذا التصعيد يبرز الدور السعودي بوضوح في موضوع الحرب السودانية، ومنذ الشهر الأول للحرب، كانت الدبلوماسية السعودية قد نجحت -بالتنسيق مع نظيرتها الأمريكية- في تقريب وجهات نظر طرفي النزاع، إلى أن التأما في أول لقاء بعد أسابيع قليلة من الحرب في مدينة جدة، وتحديداً في 6 مايو 2023.

ويواصل السعوديون جهودهم لتخفيف الاحتقان ولفت الأنظار نحو أزمة السودان.

وفي هذا السياق التقى نائب وزير خارجية المملكة وليد الخريجي، الاثنين، بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرييلو، على هامش مؤتمر باريس بخصوص السودان، حيث جرى بحث مستجدات الحرب السودانية والجهود المبذولة لإيقافها.

كما بحث وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، في 11 أبريل الجاري، مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن مستجدات الملف السوداني، والجهود المبذولة لحلحلة هذه الأزمة.

قطر

قطر كانت من أوائل الدول التي دعت لوضع حد للحرب في السودان، وساهمت بتقديم كثير من الدعم الإنساني لسكان السودان المنكوبين، وشهد لها بذلك العديد من المسؤولين السودانيين.

وخلال مؤتمر باريس المنعقد يوم الاثنين 15 أبريل الجاري، تعهّدت وزيرة الدولة للتعاون الدولي لولوة الخاطر بتقديم 25 مليون دولار، للتخفيف من الأزمة الإنسانية في السودان، ليبلغ إجمالي المساعدات القطرية المالية 75 مليون دولار، إضافة إلى 11 مليون دولار على شكل مساعدات من قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري.

وفي سبتمبر الماضي، استقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، وبحث معه الجهود المبذولة لإنهاء الصراع، وبما يحفظ وحدة السودان وأمنه واستقراره.

وحينها قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري لقناة "الجزيرة": إن "موقف قطر منذ بدء الأزمة السودانية كان وقف القتال والتمسك بالحوار"، مؤكداً أنه "لا حل عسكري للنزاع في السودان".

وخلال شهر رمضان زارت وزيرة الدولة لولوة الخاطر السودان، برفقة مساعدات إنسانية مقدمة للشعب السوداني، معلنةً استئناف الجسر الإغاثي لدعم الشعب السوداني.

الإمارات

بالرغم من تأكيد الإمارات المستمر لاحترام سيادة السودان، ودعم جهود حلحلة الأزمة بين طرفي الأزمة السودانية، فإن العلاقة بين أبوظبي والخرطوم لم تمضِ على ما يرام، وانتهت بسحب البعثات الدبلوماسية، في ديسمبر الماضي.

وفي مطلع ديسمبر الماضي، أكدت الإمارات دعوتها إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في السودان، مطالبةً بالالتزام بما اتفق عليه في مفاوضات جدة.

لكن للسودان رأي آخر، وصل إلى اللجوء لمجلس الأمن لتقديم شكوى ضد أبوظبي وتشاد، على خلفية ما أسمته "دعم هاتين الدولتين لقوات الدعم السريع"، وهو ما تنفيه الإمارات باستمرار.

دعم وحدة السودان

ولغالبية دول مجلس التعاون موقف موحد من السودان، يدعم وحدته وسلامة أراضيه، إذ تدعم دول الخليج في المجمل وقفاً عاجلاً لإطلاق النار.

وحول هذا يقول محمد صالح لاباهي، مدير المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات: إن "المواقف الخليجية في أغلبها مع السودان الموحد، السودان الذي تنتهي فيه الحرب في أقرب فرصة ممكنة، ما عدا الإمارات التي يتهمها السودان بأنها تقف خلف دعم وإطالة الحرب في السودان بدعمها لقوات الدعم السريع".

وأشار لاباهي في تصريح لـ"الخليج أونلاين" إلى أن السعودية تقف مع وحدة السودان، الذي يقع على الضفة الأخرى من البحر الأحمر، لذلك هي تهتم بأمنه ووحدته وتماسكه، كما أن المملكة حريصة على ألا تتسع الحرب إلى مناطق تأتي منها مخاطر أمنية ضدها.

ونوّه بأن قطر التي تبنت الوساطة لفترة طويلة في ملف دارفور تقف إلى جانب السودان الموحد كذلك، وإلى جانب السودانيين، وتقدم ما تستطيع من الدعم للمتعثرين، كما فعلت السعودية أيضاً بعد أن تأثر كثير من السودانيين بالنزوح.

تعثر المبادرات

ويرى الباحث محمد صالح لاباهي أن هناك حالة "انسداد حقيقي في المبادرات الأفريقية، وهي التي كان يجب أن تكون الوسيط الحقيقي".

ولفت إلى أنه حتى "مفاوضات جدة" تعثرت في البدايات، حينما تم الاتفاق على بعض النقاط، المتمثلة في تأمين بعض المسارات لوصول الدعم الإنساني وخروج المدنيين، وغيرها.

واستطرد قائلاً: "منذ قرابة سنة توقفت الوساطات، ولا أحد يحرك ساكناً على المستوى الدولي والإقليمي، حيث رفض السودان وساطة "الإيغاد" بسبب انحيازها للدعم السريع، كما أن عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي أصبحت مجمدة، وكذلك في منظمة إيغاد".

ولفت إلى أن كفة الحرب تميل حالياً لصالح قوات الجيش السوداني، وأن السودانيين أصبحوا اليوم أكثر تماسكاً وحرصاً على وحدة وتماسك بلادهم، رغم ما دفعوه من أثمان باهظة جداً بسبب قيام الحرب داخل المدن.